الرئيسية / آراء ومقالات / هكذا تكلم الصهاينة.

هكذا تكلم الصهاينة.

لأننا نؤمن بضرورة الإحاطة بالمتغيرات السياسية، ولا نقبل أن نكون مجرد أبواقٍ مكررة لرواية العدو أو يد لأهدافه من خلال عدم مواكبة إعلامه ونواياه المعلنة عبره بوقاحة المحتل والمشروع الطارئ ننشر هذا المقال على شكل فقرات مميزة عن رأينا بما يطرحه العدو الصهيوني سواء كان الناطق فيه يميناً أم يساراً..

نشرت صحيفة هآرتس الصهيونية مقالاً بعنوان ” اليمين الإسرائيلي يريد إنهاء السلام مع الأردن” وقد جاء في المقال ما يلي:

تملك إسرائيل خططاً كبيرة بشأن الأردن، لكن أياً من هذه الخطط لا تشمل وجود الملك عبد الله، فقد أثارت قائمة طويلة من المقالات التي كتبت عبر أكثر من محلل سياسي محسوب على اليمين الإسرائيلي، والتي تم نشرها تباعاً خلال الشهر الماضي، استنتاجات عامة تتقارب في رؤيتها لمستقبل الأردن حسب ما يراه اليمين الإسرائيلي، هل يمكن أن نعتبر هذا مجرد صدفة؟ قد نفترض وجود تشابه حين يقدم أكثر من مسؤول نفس المواد حيال موضوع بعينه، لكننا نخلص إلى نتيجة واحدة من كل هذا، وهي أن اليمين الإسرائيلي يريد نسف معاهدة السلام مع الأردن. 

من الجلي أن ضم غور الأردن هو خطوة تكتيكية تهدف إلى صيد عصفورين بحجر واحد، ففي هذه الخطوة يتحقق لإسرائيل ضم الضفة الغربية وإلغاء معاهدة وادي عربة، وهو ما سيحقق الهدف الاستراتيجي بالنسبة للإسرائيليين وهو الإطاحة بالحكم الهاشمي في الأردن، اليمين الإسرائيلي على كافة مشاربه سواء كان من مؤيدي نتنياهو أو أنصار جدعون ساعر، جميعهم يشتركون في هذه الرؤية، متحمسين لتحقيق فكرة أن الأردن هو فلسطين، وهنا لا يخفي اليمين كرهه للملك عبد الله ويتحدثون عنه باعتباره  “الخادم الذي صعد ليكون ملكاً”، وهم يصفونه بالمتعجرف الذي تجرأ على رفع رأسه أمام إسرائيل، ولا ينفكون يتحدثون أن الهاشميين حكم صنع بواسطة بريطانيا، لذلك فإن هذا الحكم هو حكم أجبني وغير شرعي للأردن. 

التعليق:

بداية وضمن رؤيتنا السياسية فقد طرأت تحولات واسعة وخطيرة منذ توقيع معاهدة وادي عربة عام 1994، بحيث كان العمل بتطبيق نصوص المعاهدة وملحقاتها ذا أثر تخريبي على كافة المؤسسات والمناحي في الأردن، ولسنا نكرر على سبيل الإنشاء أن سياسة الخصخصة، وتراجع الاقتصاد الإنتاجي والمشاريع المشتركة الفاشلة والتي كبدت الأردن وحده خسائر وجودها، وما امتدت إليه من العبث في المؤسسة التعليمية والبنية الإجتماعية، والحياة السياسية واستبعاد القوى السياسية بسن قانون الصوت الواحد سيء الذكر، وكل ما قد نذكره في هذا السياق يصب في خانة تفكيك الدولة الأردنية والعمل على ازدياد تراجعها على كافة المستويات، لذلك فإننا وككل الأردنيين الشرفاء رفضنا ولا زلنا نرفض الإبقاء على هذه المعاهدة والتي قادها فريق وادي عربة حتى اليوم، ونحن لا نجد أن اليوم أننا نملك ورقة ضامنة لبقاء الدولة وإعادة تماسكها سوى وجود نظام قوي يحكم الأردن، وما تمسكنا بورقة النظام إلا لأننا نرى إلا أن أي بديل يطرح، ما هو إلا في سياق جر الأردن إلى مرحلة الفوضى والخراب، وهو بالتأكيد ما يخدم المشروع الصهيوني، وما يحولنا إلى ساحة مفتوحة له، وما علاقة الأردنيين في النظام الهاشمي سواء كانوا معارضة أو موالاة بعلاقة المُحتل الأجنبي بأرض محتلة، بل هي علاقة رُسخت عبر عقد اجتماعي منذ تأسيس إمارة شرق الأردن وحتى تاريخه.

إن المواقف الأخيرة للملك عبد الله أثارت النعرة العنصرية لدى اليمين الإسرائيلي بقوة، فهم لا يرون فيه نداً لمعارضة ضم غور الأردن من قبل إسرائيل، وبقاء عرشه مرهوناً على ما يجودون به عليه، وهم قادرين على إزاحته إذا ما تجرأ واعترض على ضم الغور، فببساطة إسرائيل قادرة على وقف إمدادت المياه عن الأردن، مما قد يدفع الملك عبد الله إلى تصعيد موقفه بتعليق أو إلغاء معاهدة السلام، وبعد ذلك سيكون من السهل على إسرائيل التحرك قدماً للإطاخة بعرشه. 

ففي رؤية اليمين الإسرائيلي “ربيع أردني” ويقود هذا الربيع حسب تصوراتهم الأغلبية الفلسطينية في الأردن، بحيث تجتاح المملكة موجة احتجاجات تقود إلى ثورة على الحكم الهاشمي، ولاحقاً يتسلم الفلسطنييون الحكم، وبهذا تتحقق الكونفدرالية بين الضفة الغربية والأردن ويتحصل الفلسطيني في الضفة على حقوق سياسية في الأردن كمواطن، هذا الربيع بالنسبة لليمين ضروري في ظل رؤيته لمستقبل المنطقة، بحيث يرى أن من يعطل وجود هكذا مشروع هو بقاء الحكم الهاشمي. 

التعليق:

نذكر هنا أن الكيان الصهيوني أوقف ضم غور الأردن في أعقاب قرار المحكمة الجنائية الدولية المضي قدما في التحقيق في ارتكاب جرائم حرب محتملة، وهو ما يأتي في سياق مجموع قضايا يترافع فيها إتحاد المحامين العرب بمن فيهم العضوية الأردنية في الإتحاد.

أما عن الفلسطينيين، فاليمين الإسرائيلي يفترض على سبيل الثقة والغرور قدرته على فرض وطن بديل مقابل مجموعة الثوابت الفلسطينية، متناسياً بأن الجانبين سواء الأردن أو فلسطين على المستوى الشعبي لا يمكن أن يقبل بحل الوطن البديل، فتلك مسألة منتهية في ثقافتنا، وأن الجانبين يعتبران القضية الفلسطينية قضية مركزية لا يمكن إيجاد حل لها عبر الاتفاقات وهو ما يدفع بالضرورة إلى عدم القبول الشعبي بأي اتفاق سلام مع الكيان الصهيوني، وإنما الحل يأتي عبر الكفاح المسلح ضد وجود الكيان الصهيوني وباتجاه استعادة فلسطين كل فلسطين دون أن يتم انتقاص شبراً واحداً منها، وما يصدر عن اليمين الصهيوني في هذه المرحلة ماهو إلا جعجعة في وقت أزمة حقيقية يمر بها الكيان الصهيوني، وهي تعبر عن نفسها بنفسها.

ويعود اليمين هنا لتجاهل حقيقة المطالب الشعبية الأردنية لإلغاء وادي عربة، فكيف لو تم إعلان إلغاء المعاهدة؟ هذا ما لا يفكر فيه اليمين بعنجهيته، بأن هكذا قرار وهكذا خطوة ستكون في صالح النظام الأردني، كما هي في صالح الأردن كله، وهكذا خطوة ستحقق شعبية إضافية ومتزايدة للملك، وبالتالي تأتي نتيجتها بعكس ما يأملون به ويخططون له.

الوصاية الهاشمية على المقدسات في مدينة القدس، بما فيها جبل الهيكل تزعج اليمين الإسرائيلي، وهذا يتضح في سيل المقالات المتدفق في وسائل الإعلام الإسرائيلية برغبة اليهود بل وحقهم في تغيير الوضع الراهن على جبل الهيكل، إن أقل طلب يتنادى به اليمين هو السماح لليهود بحرية الوصول والصلاة في الأقصى، وأكبر أحلامهم هو هدم مسجد الأقصى وإعادة بناء الهيكل، وما يقف حائلاً بينهم وبين متطلباتهم وآمالهم هو وزارة الأوقاف الأردنية، وهي تفاخر بحمايتها للأقصى في وجه اليمين الإسرائيلي، وما يوفر لهم هذه القوة هو دعم الملك عبد الله، ما يضيف سبباً لوجوب إلغاء معاهدة السلام التي تعترف بالوصاية الهاشمية على المقدسات.

وفي هذا السياق فإن قرار الملك عبد الله باستعادة الباقورة والغمر وعدم تجديد إتفاقية التأجير يصب في مصلحة اليمين الإسرائيلي، من حيث دعم وجهة نظرهم تجاهه، إلى جانب حادثة قتل مواطنيين أردنيين في السفارة الإسرائيلية في عمان، ما يصبو إليه اليمين هو تسخين المنطقة، وإراقة الدماء، وما يراه في معاهدات السلام يأتي في إطار خيانة المشروع الصهيوني والذي تم عبر الخائن اسحق رابين، وما إسقاط  رأس الملك عبد الله إلا مفتاحاً لتحقيق مشروع إسرائيل واستكمال حقها في الوجود.

التعليق:

ما كتبه وسيكتبه الصهاينة سواء كانوا يساراً أم يميناً ماهو إلا مسألة يجيب عنها التاريخ واستحقاقه، وهم كأي مشروع طارئ استحقاقهم التاريخي هو الزوال، حتى لو هدموا الأقصى، وأراقوا الدماء، فالمسألة مسألة وقت ومقاومة، وما دعوتنا الدائمة إلى انهاء وادي عربة، والاستدارة شرقاً إلا لأننا نعرف أن لا مصلحة لنا لا اليوم ولا غداً إلا في حضننا الطبيعي والذي هو بالضرورة ليس صهيونياً.

 

 

 

 

 

 

 

 

عن harka

شاهد أيضاً

دوغين والجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة.

يعد ألكسندر دوغين من أهم أعضاء الفريق الاستراتيجي الذي يحيط بالرئيس الروسي، بوتين، كما يعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();