الرئيسية / آراء ومقالات / ما هي الإمبريالية

ما هي الإمبريالية

بعد الدعم العسكري والسياسي الذي قدمته روسيا لسوريا خلال العشرية التكفيرية العثمانية التي عاشتها سوريا، انبرى يساريون سوريون سابقون للهجوم على روسيا بوصفها إمبريالية جديدة رغم أنهم هم أنفسهم كانوا قد تخندقوا في معسكر الإمبريالية الأمريكية، وكان من تداعيات ذلك أيضاً، خلط الأوراق والتناقضات لتبرير سقوطهم السياسي، شأنهم في ذلك شأن زملائهم من اليساريين العراقيين السابقين الذين عادوا إلى بلادهم على ظهر دبابات الإمبريالية الأمريكية.

ومن المؤسف أن ذلك كله جرى باستغفال جماهير واسعة لم تكن معنية بحكاية المفاهيم وخطورتها، ومنها مفهوم الإمبريالية…

الإمبريالية، مفهوم عمّقه لينين، مفكر الثورة الروسية الاشتراكية في كتابه الشهير (الإمبريالية أعلى الرأسمالية) والتالي تلخيصه. أي إن الإمبريالية هي الرأسمالية في حقبتها الجديدة التي بالكاد عاصرها ماركس، المؤسس التاريخي للاشتراكية، ومن السمات الأساسية للإمبريالية في حقبة التحول، من معادلة (ب-ن-ب) (بضاعة – نقد – بضاعة) إلى معادلة (نقد – بضاعة – نقد)، هي لعبة الرساميل المالية وتصديرها لغايات الاستثمار وسرقة ونهب الشعوب ومورادها.

بهذا المعنى، فإن الاقتصاد الروسي حتى بعد الانهيار السوفياتي، ليس اقتصاداً قائماً في سماته الأساسية على هذه اللعبة، بل إن أحد أسباب الانهيار المذكور هو العبء الاقتصادي الضخم الذي ناءت به روسيا سنوات المعونات اللوجستية لشعوب العالم الثالث في مجالات السدود ومجمعات الحديد الصلب وغيرها….

لينين:

الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية

يقول لينين عن هذا الكتاب:

في ربيع سنة 1916 وضعت بمدينة زوريخ هذا الكتاب وفي ظروف عملي هناك شعرت، بطبيعة الحال، ببعض النقص في الكتب الفرنسية والإنجليزية ووبنقص كبير جداً في الكتب الروسية. ولكني قد استفدت، على كل حال، من المؤلف الانجليزي الرئيسي الموضوع في الإمبريالية – كتاب ج.أهوبسون بكل الانتباه الذي يستحقه هذا المؤلف.

وكذلك كتاب صدر عام 1910 للنمساوي رودلف هيلفيردينغ ” الرأسمال المالي” ورغم غلطة المؤلف في مسألة نظرية النقود وميله بعض الشيء إلى التوفيق بين الماركسية والانتهازية، فهذا الكتاب عبارة عن تحليل نظري قيم للغاية ” لأحدث المراحل في تطور الرأسمالية”.

من المزاحمة الحرة إلى الاحتكارات:

عندما كتب ماركس مؤلفه “الرأسمال” كانت المزاحمة تبدو ” قانونا طبيعيا” في نظر الأكثرية الكبرى من الاقتصاديين، وقد حاول العلم الرسمي أن يقتل عن طريق مؤامرة الصمت مؤلف كارل ماركس الذي برهن بتحليله النظري التاريخي للرأسمالية على أن المزاحمة الحرة تولد تمركز الإنتاج وعلى أن هذا التمركز يفضي عند درجة معينة إلى الاحتكار وقد غدا الاحتكار الآن أمراً واقعاً.

إن الرأسمالية القديمة، رأسمالية المزاحمة الحرة من ضابطها الذي لا يمكنها الاستغناء عنه، البورصة، تغيب في طيات الماضي، تحل محلها رأسمالية جديدة تتسم بسمات انتقالية بينة، بسمات مزيج من المزاحمة الحرة والاحتكار يطرح السؤال بصورة طبيعية في أي اتجاه ” تنتقل ” الرأسمالية الحديثة؟ ولكن العلماء البرجوازيين يخافون من طرح هذا السؤال.

إن النتائج الأساسية لتاريخ الاحتكارات هي الآتية من:

1. سنوات العقدين السابع والثامن من القرن الماضي هي قمة، ذروة تطور المزاحمة الحرة لم تكن الاحتكارات إلا حالات جينية بالكاد تلاحظ.

2. بعد أزمة سنة 1873 أتت مرحلة تطورت فيها الكارتيلات بصورة واسعة، ولكنها ظلت مع ذلك حالات نادرة، لم تكن وطيدة بعد، إنها ما تزال ظاهرة عرضية

3. نهضة أواخر القرن التاسع عشر وأزمة سنوات 1900 – 1903: تصبح الكارتيلات أساسا من أسس الحياة الاقتصادية بأكملها، صارت الرأسمالية إلى استعمار (إمبريالية)

البنوك ودورها الجديد

إن وظيفة البنوك الأساسية و الأولى هي الوساطة في الدفع، وأثناء ذلك تحول البنوك الرأسمال النقدي غير العامل إلى رأسمال عامل، أي الى رأسمال يدر الأرباح وتجمع العائدات النقدية بشتى أنواعها وتضعها تحت تصرف طبقة الرأسماليين.

ويقدر ما تتطور عمليات البنوك وتتركز في مؤسسات قليلة العدد، تتحول البنوك من وسطاء متواضعين إلى احتكارات شديدة الحول والطول، تتصرف بمعظم الرأسمال النقدي العائد لمجموع الرأسماليين وصغار أصحاب الأعمال، وكذلك بالقسم الأكبر من وسائل الإنتاج ومصادر الخامات في بلاد معينة، أو في جملة من البلدان، وتحول وسطاء الكثيرين المتواضعين إلى حفنة من الاحتكارات، و هو وجه أساسي من وجوه صيرورة الرأسمالية إلى إمبريالية رأسمالية، و لذا ينبغي لنا أن نتناول في المقام الأول تمركز البنوك،

وبين العدد الضئيل من البنوك التي تبقى في رأس الاقتصاد الرأسمالي بأكمله، بحكم سير التمركز يظهر بصورة طبيعية ويشتد أكثر فأكثر الميل إلى الاتفاق الاحتكاري إلى تروست بين البنوك

مع اشتداد تمركز البنوك تتقلص دائرة المؤسسات التي يمكن بوجه عام أن تطلب منها القروض، وبحكم ذلك تشتد تبعية الصناعة الكبيرة لعدد ضئيل من الفرق البنكية.

الرأسمال والطغمة المالية:

القرن العشرون هو نقطة تحول من الرأسمالية القديمة إلى الحديثة، من سيطرة الرأسمال بوجه عام إلى سيطرة الرأسمال المالي، كتب هبلفيردينغ ” إن قسما متزايدا من الرأسمال الصناعي لا يعود إلى الصناعيين الذين يستفيدون منه، وهم لا يستطيعون الحصول على إمكانية التصرف به إلا عن طريق البنك الذي يمثل إزاءهم مالك الرأسمال، ومن الجهة الأخرى يتأتى على البنك أن يوظف في الصناعة قسما متزايداً من رأسماله، وبسبب ذلك يصبح أكثر فأكثر رأسمالياً صناعياً، وهذا الرأسمال البنكي- أي هذا الرأسمال النقدي الذي يتحول بهذا الشكل في الواقع إلى رأسمال صناعي أسميه (الرأسمال المالي) ” فالرأسمال المالي هو إذن الرأسمال الموجود تحت تصرف البنوك والذي يستحدمه الصناعيون.

تصدير رأس المال

كان تصدير البضائع الحالة النموذجية في الرأسمالية القديمة، حيث كانت السيادة التامة للمزاحمة الحرة، وغدا تصدير الرأسمال الحالة النموذجية في الرأسمالية الحديثة التي تسودها الاحتكارات.

تقسيم العمل بين الاحكارات

إن عهد الرأسمالية الحديثة يبين لنا أن ثمة علاقات تتكون بين اتحادات الرأسماليين على صعيد اقتسام العالم، وأن ثمة علاقات تتكون بمحاذاة ذلك وتبعاً لذلك بين الاتحادات السياسية بين الدول على صعيد اقتسام بقاع العالم، و على صعيد الصراع من أجل المستعمرات ” الصراع من أجل الرقاع الاقتصادية”

تقسيم العمل بين الدول الكبرى (سياسة الاستعمار الجديد)

لقد وجدت سياسة الاستيلاء على المستعمرات ووجدت الإمبريالية قبل أن تبلغ الرأسمالية مرحلتها الحديثة وحتى قبل الرأسمالية، فروما القائمة على نظام العبودية قد مارست سياسة الاستيلاء على المستعمرات، وحققت الامبريالية .

عن harka

شاهد أيضاً

دوغين والجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة.

يعد ألكسندر دوغين من أهم أعضاء الفريق الاستراتيجي الذي يحيط بالرئيس الروسي، بوتين، كما يعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();