الرئيسية / آراء ومقالات / عنصرية الرجل الأبيض البريطانية في السياسة البريطانية. |مترجم

عنصرية الرجل الأبيض البريطانية في السياسة البريطانية. |مترجم

 

تأتي مقالة جراي يونغ في ظل الانتخابات البريطانية، وفي ظل الاتهامات المحمومة من قبل اليهود للمحافظين بمعاداة السامية.

بصفته وزير الخارجية البريطانية في حزب العمل عام 1951 وصف هربرت موريسون استقلال المستعمرات البريطانية في أفريقيا بأنه أشبه بإعطاء طفل يبلع من العمر 10 أعوام مفتاح بيت وحساباً بنكياً وبندقية، وفي عام 1955 أعلن تشرتشل أن يريد خوض انتخابات مجلس العموم البريطاني تحت شعار ” حافظ على إنجلترا البيضاء “، في عام 1964 في سميثوبك- ميدلاندز الغربية رفض شعار حملة المحافظين ” إذا كنت تريد أن يكون جارك زنجي فصوت لحزب العمال”، وفي عام 1968 ألقى العضو البارز في حزب المحافظين في البرلمان البريطاني إينوك باول خطابه الشهر ” أنهار الدماء” حيث قال أمام مجموعة من النشطاء المحافظين إنه إذا استمرت الهجرة إلى بريطانيا من المستعمرات السابقة للبلاد، فلا مفر من الصدام العنيف بين المجتمعات البيضاء والسوداء، وفي عام 1978 أشارت رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر إلى أن بريطانيا تغرق بسبب أشخاص ذوي ثقافة وعرق مختلف، وهي ذات العبارة التي كررها ديفيد بلانكيت في عام 2002 في إشارة إلى أبناء اللاجئين في المدارس البريطانية، وفي عام 1990 تم طرد ثلاثة من أعضاء ديمقراطيين ليبراليين من حزب العمال بعد توزيعهم نشرة عمالية تزعم أن حزب العمال سوف يعيد البنغلادشيين بوصفهم مشردين، وفي عام 2004 أرسل أحد مدراء الفروع الانتخابية في الإنتخابات البريطانية لمجلس العموم رسالة مفادها ” يجب أن ننتصر للعرق الأبيض في مواجهة هؤلاء الغرباء وإلا نكون قد رُحلنا إلى الأبد”، وفي عام 2014 قال نايل فاراج رئيس حزب الاستقلال إن المبدأ الأساسي لخطاب أنهار الدم هو مبدأ صحيح، وهو ما جعل من حزبه يتصدر في نتائج الاستطلاعات في الانتخابات الأوروبية في وقت لاحق في 2014.  

جراي يونغ/ محرر في صحيفة الغارديان البريطانية.

يبدو أن الخطاب العنصري الصادر تاريخياً عن حزب المحافظين البريطاني ليس ذا نهاية يحدده أفق ما، بالرغم عن كون بريطانيا دولة تعتز بدستورها الأخلاقي، فقد رفض رئيس الوزراء البريطاني الحالي الاعتذار عن الإشارة عن إلى السود على أنهم صغار مع ابتسامات بطيخية، وأن المرأة المسملة كصناديق الرسائل، هذه العنصرية ليست مسألة جديدة على دولة بنت تاريخها على العبودية واستعمار الآخرين، فهذا التاريخ لا يمكن له أن ينتزع من تاريخ بريطانيا وثقافة مؤسساتها، وبما أن السياسة تنبثق عن تلك الثقافة والإرث، فهي تحمل خطاب العنصرية كجزء أصيل منها، بما يشمل ذلك توزيع الثروات على المواطنين، فكونك لست من عرق أبيض لا يمكن ألا تتعرض إلى الإساءة، ولا حتى لو كنت سياسياً مثل النائب ديان أبوت، والذي يمتلأ بريده الإلكتروني بمثل هذه الإساءات العنصرية.

بالنسبة لأولئك الذين تخيلوا أن السياسة الإنتخابية توفر خياراً أخلاقياً واضحاً بين الأحزاب غير الملوثة بالنزعات العنصرية، فإن الأسبوع الماضي شكل صدمة خاصة بالنسبة لهم، فمن المؤكد أن طرح المحرر السياسي روبرت بيستون لـ ITV في رده على تصريح كبير الحاخامات بأن تعامل جيريمي كوربين هو في خانة معاداة السامية وهو أمر غير لائق، فقد قال من موقع الجهل الكامل والترفع عن الحقائق بما يقوله ” ما أقوله هو أن ديمقراطيتنا هي تقليد لكونها منارة للتسامح والتفاهم ” وهو بما صرح به فقد قاله من موقع الامتياز النسبي لا الحقيقة الكلية للواقع العنصري في بريطانيا، ما أدلى به بيستون لا يشكل سوى خطاباً سياسياً يضعه بمكان مرتفع عن الخطاب الحاد الكامن في العمل السياسي البريطاني.

العنصرية ليست مجرد استعارة تستخدم لوصف الآخر بعدم الكفاءة والغباء أو عدم اليقين، كما أنها ليست مجرد حالة ذهنية تصف فلسفة أو فكر مجتمعي، إنها منهج يتم استخدامه لفرض التمييز بين أفراد المجتمع البريطاني ناتج الورثة الاستعمارية التي امتدت لقرون والتي تشكل بريطانيا الحديثة اليوم، لا يمكنك أن تسلح العنصرية لأنها بحد ذاتها سلاح يمكن أن يقتل حرفياً، أضف إلى ذلك أشكال التمييز في حرمان الأشخاص من التوظيف أو السكن أو التعليم أو السلامة إلخ من الحقوق الواجبة على الدولة توفيرها تجاه جميع مواطنيها بالتساوي، ومع ذلك يستخدم حزب المحافظين بشكل دائم هذه العنصرية، ويتم نشرها لتحفيز طرف في المجتمع البريطاني وتشويه الطرف الآخر، بما يجعل الناتج فاسداً عند كلا الطرفين، حتى أن هذا الفساد صار منسحباً على الحزبين الأكبر في بريطانيا المحافظين والعمال، فبدل أن يكون حزب العمال ضمن الأحزاب والأطراف المعادية للعنصرية، فقد مرر عدة قوانين في تاريخ حكوماته لإرضاء العنصرية البيضاء في بريطانيا، ورغم ذلك، فإن البريطانيين يتوقعون شيئاً منه ولكنهم لا يتوقعون أي شيء من حزب المحافظين إزاء العنصرية.

وهذا لا يعني أننا لا نملك فرصة لفعل شيء حيال العنصرية السياسية، بل إننا لا نستطيع أن نقضي على هذه العنصرية إلا من خلال السياسة نفسها، وذلك بتشكيل حالة من التكامل والتحالف السياسي لإجبار المؤسسات التي تملك خطاباً عنصرياً على تغيير خطابها، فمثلاً كانت النقابات العمالية البريطانية ذات يوم العقبة الرئيسية في توظيف غير البيض، ورغم ذلك لم تتخلى الأقليات عن العمل النقابي وأحدثوا التغيير اللازم في أجسام هذه النقابات.

لسنا نهدف هنا إلى صرف النظر عن  معاداة الآخرين مثل اليهود والمسلمين والعاملين من غير البيض أو تصغير الأمر أو إنكاره، بقدر ما نهدف إلى توسيع فهمنا لرسوخ العنصرية في المجتمع البريطاني، وقدرتنا على مقاومتها، وهو ما يجب أن يتم طرحه للنقاش، وتأسيس تيار سياسي قادر على مجابهة المحافظين في حزب قادر على هذا مثل حزب العمال.

إن نصف جرائم الكراهية الدينية في إنجلترا وويلز موجهة اليوم ضد المسلمين على وجه الخصوص، هذه الفئة الأقل تمثيلاً في البرلمان البريطاني، والأكثر فقراً في بريطانيا، وفي كل هذا نجد سجلاً مروعاً من حزب المحافظين إزاء المسلمين كغيرهم من غير البيض، وهو ما لم يتم إعلان شيء بعكسه يوماً، ولم يتم إعلان أي نية من قبلهم لعلاج أوضاع المسلمين، إنه من المخزي أن يكون هناك حكومة مقبلة يحمل تاريخها فضيحة مثل فضيحة Windrush، فضيحة تسببت بدفع المواطنين البريطانيين على ترك وظائفهم، وحرمانهم من السكن والرعاية الصحية، أو ترحيلهم أو تهديدهم بالترحيل من قبل حكومة أحد أطرافها ضالع في نشر العنصرية والفوز عبرها.

 

 

عن harka

شاهد أيضاً

دوغين والجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة.

يعد ألكسندر دوغين من أهم أعضاء الفريق الاستراتيجي الذي يحيط بالرئيس الروسي، بوتين، كما يعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();