الرئيسية / آراء ومقالات / من يسعى إلى إشعال الشارع في لبنان؟

من يسعى إلى إشعال الشارع في لبنان؟

ذهب الرئيس ميشيل عون إلى خيار تأجيل المشاورات لتشكيل الحكومة نزولاً عند رغبة الحريري بذلك، إفساحاً للمجال لإيجاد فرص حل علّها تساعد لبنان على الخروج من الأزمة الحالية، الخميس هو اليوم المنتظر عند اللبنانيين حيث عقدة التكليف وإمكانية حلها، الحريري والذي بقي مُعتزلاً لمدة تقارب الشهرين، ظهر في الوقت بدل الضائع في جولة يأمل من خلالها إلى الوصول إلى تفاهم حول تشكيل حكومة يرأسها بشخصه، بعد أن خذله الحلفاء في رسالة ضغط إقليمية تحركها الرياض على وجه الخصوص، وموافقة أمريكية على استثنائه خاصة مع قطيعته مع الخط الوطني في لبنان، حيث لا أفق يحمل في طياته ما يجعل الحريري يتفائل بحل يكون في صالحه ويحقق طموحاته الشخصية ليقبل به الآخرين، سواء كانوا في طرفه السياسي، أو في الطرف المقابل، ولا تشاؤم مُطلق يفرض نفسه ضمن وجود رغبة حقيقية من اللبنانيين لإزاحة غمامة الأزمة التي باتت تؤثر على تفاصيل حياتهم اليومية. .

وضمن هذه المجريات هناك من يحاول جر الشارع إلى الفوضى عبر سياسة الاستفزاز المتنقل، وهنا يقفز السؤال إلى الأذهان، من يسعى إلى إشعال الشارع وجره إلى الفتنة؟ هنا لا ننسى أن معادلة لبنان تخضع لرؤى القوى حسب مصالحها في المنطقة، ففي لبنان تُقرأ المعادلة السياسية الداخلية حسب اصطفاف الفرقاء، مع الخيار الأمريكي في المنطقة ومع خيار المقاومة والاستقلال الكامل والذي بدأ عبر التحرير بقوة المقاومة وسلاحها، مما يدعونا إلى عدم الاجتهاد كثيراً في إجابة السؤال؛ الأمريكي والذي يرى في الاحتجاجات الأمريكية فرصته الذهبية يعمل عبر أدواته في لبنان إلى جر الشارع إلى حالة الاقتتال الداخلي، وتحويل المسار في لبنان إلى مسار شبيه بالحرب الأهلية على أقل تقدير، وهو ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي سابقاً عبر تبرعه بإخراج حزب الله من النظام والأراضي اللبنانية، الأمر الذي أجاب عنه سماحة السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله في خطابه الأخير بشكل تفصيلي.

الأزمة اللبنانية ليست مسألة قادمة من فراغ، فهي تأتي عبر أوجاع الناس ومعاناتهم، ومحاولة القفز فوقها ما هو إلا جزء من عدم حل هذه الأزمة، ومن ضمن هذه المحاولات هو تأزيم الشارع عبر إرسال مجموعات من الشارع في مواجهة شارع آخر، وهذا ما قد يدفعنا لتأكيد مقولتنا السابقة بأن لبنان ليس شارعاً واحداً، بل عدة شوارع ومن السهل استغلالها عبر أدوات السياسة والفرقاء السياسين، وفكرة أن قراءة هذه التصرفات خارج وجود مؤامرة على لبنان بالسخرية ماهو إلا استخفافاً باللبنانيين أولاً، وبرد الفعل الذي يبديه الفريق المقاوم عبر ضبط نفسه وعدم انجراره إلى السياق الفتنوي.

وهنا نعود لمفهوم المزايدات الذي طرحه السيد خلال شرحه لقضية حكومة اللون الواحد تختصر بالنتيجة ” وهو المطلوب ” كيف؟ مطلوب الذهاب إلى هكذا خيار كي يتم فرض المزيد من العقوبات على لبنان، حيث الموجود مجموعة العقوبات الأمريكية الأخيرة على شخصيات تحت بند دعم منظمة إرهابية، بل ودعوة أمريكية وقحة لإخراج حزب الله من النظام السياسي والجغرافيا اللبنانية، فرضية تشكيل حكومة اللون الواحد هي فرضية تذهب في سياق ما طرحه السيد بشكل مفصل عن كيف تمنع تحقيق المصالح الأمريكية والصهيونية من خلال حل مشاكلهم مع لبنان وفي لبنان، الأمريكي يرغب بالتخلص من حزب الله، والصهيوني يرغب على أقل تقدير بتوقيع اتفاقية مع لبنان حول النفط والغاز، وغير واقعي نهائياً أن نعتقد للحظة أن لبنان المشروع القائم على شكل دولة يمكن أن يتحول بيوم وليلة إلى بلد ينبذ الطائفية وما تحتويه من فساد، نحن بالمفهوم العام لم نملك مفهوم الدولة الراسخة في المنطقة عبر مفهوم واضح، بل نملك هياكل سرعان ما تتهالك مباشرة أمام أي تحول، المفاهيم الواقعية تقول أن العصبيات هي أحد محركات المجتمع العربي بما فيه لبنان، والشعارات تنتهي مباشرة عند أي منعطف، ولنأخذ مثال الاتهام في الحالة اللبنانية، الاتهام للطائفة الشيعية على وجه الخصوص نستثنى من ذلك “جماعة الحياد” لكون من يمثلهم هو الطرف الآخر.

 

 

 

 

عن harka

شاهد أيضاً

دوغين والجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة.

يعد ألكسندر دوغين من أهم أعضاء الفريق الاستراتيجي الذي يحيط بالرئيس الروسي، بوتين، كما يعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();