الرئيسية / الصراع العربي الصهيوني / مرصد التطبيع / محاور الأوراق التي طرحت في الورشة التي عقدتها نقابة أطباء الأسنان تحت عنوان ” آليات التعامل مع فلسطيني الداخل “| مرصد التطبيع.

محاور الأوراق التي طرحت في الورشة التي عقدتها نقابة أطباء الأسنان تحت عنوان ” آليات التعامل مع فلسطيني الداخل “| مرصد التطبيع.

افتتاحية الورشة…

د. عازم القدومي” نقيب أطباء الأسنان الأردنيين”:

العداء مع الكيان الصهيوني من أبجديات الأمة العربية إنما ما نرفضه جملة وتفصيلا، موضوع التطبيع الواضح أو أي أشكال من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، هو مرفوض على كافة المستويات في وطننا وفي نقاباتنا وفي شارعنا، الذي نتشرف بهذا الموقف ولكن ما نريد أن نتحدث عنه ليس التطبيع، نريد أن نتحدث هناك مستجدات في آلية التعامل وهناك ظروف على أبناء الداخل في التعامل معها، كيف يكون هذا الفهم لهذا السلوك، الذي فرض عليهم بحكم فرض الاحتلال، هنا أعتقد العنوان الرئيسي للندوة وهذا هو المحور الرئيسي لهذه الندوة، ومرة أخرى أرحب بكافة الموجودين، وأشكرهم على الحضور، وأشكر اللجنة الوطنية على ترتيب هذا اللقاء، وأترك البرنامج للجنة كما أعد له رئيس وأعضاء هذه اللجنة.

د.فاخر دعاس “عضوو اللجنة الوطنية لمقاومة التطبيع في نقابة أطباء الأسنان الأردنيين ومدير الجلسة” :

تأتي هذه الندوة في فترة كما تفضل د. عازم القدومي في مرحلة تاريخية هي من أهم المراحل التي تمر بالقضية الفلسطينية، ولم نعد أمام مشروع تصفية للقضية الفلسطينية فقط، بل نحن في مرحلة تنفيذ هذا المشروع بالمعنى الحرفي، فالكيان بالتنسيق مع الولايات المتحدة بدء بمشروع يهودية القدس والاعتراف بالهوية اليهودية للقدس، ومن ثم وقف الدعم الأمريكي للأنروا، ومحاولة الضغط دولياً لإنهاء أعمال الأنروا في استهداف واضح لقضية اللاجئين الفلسطينيين، ومؤخراً بدأ الكيان الصهيوني في تطبيق مشروع ضم غور الأردن من الجهة الغربية، مع اندفاع وانسياق وانجراف عربي للتطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني.

في المقابل في محاولات الحركة الصهيونية لخرق الرفض الشعبي، نجد أنفسنا أمام نضال فلسطينيوا الداخل عرب 48 وما يقدمونه يومياً في معركة صمودهم أمام الاحتلال الصهيوني، مما يجعلنا أمام معادلة يجب أن تكون واضحة في المفاهيم ودقيقية تبعد عن التعميمات في تناول قضية الفلسطينيين في الداخل، في ورشة نعتبرها مقدمة لعصف ذهني عام للخروج بشكل من أشكال التوافق حيال آليات التعامل مع الأهل في الداخل.

جمال غنيمات”عضو اللجنة التنفيذية للجنة حماية الوطن ومقاومة التطبيع”:

أشكر اللجنة الوطنية لأطباء الأسنان على تنظيم هذا اللقاء، في هذا الظرف بالذات ، الذي نعاني منه ما نعاني في الداخل وفي الخارج، ولنا إطلالة كبيرة جدا على ما يعانيه الأهل في المحتل من أرضنا، الآن فلسطين في الرمق الأخير، القضية الفلسطينية الآن أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التصفية وهذا الموضوع لا يخفى على أحد، ويبقى السؤال الحاضر الغائب، أمامنا جميعاً والذي علينا أن نجيب عليه وامتلاك رؤيا واضحة ودقيقة وموضوعية كيف نتعامل مع الأهل في الداخل؟ وعلينا أن نفرق ما بين أهلنا في الداخل بين الضفة وبين العمق الفلسطيني ، فلسطين التاريخية، الضفة الغربية لها خصوصية، ويوجد  وضوح في المشهد في التعامل مع أهلنا في الضفة الغربية، هناك  أكثر من مليون فلسطيني في الضفة الغربية يحملون الجواز الأردني، وهناك تواصل حقيقي تعبر عنه مثلاً حركة الجسر فهي يوميا تشهد أكثر من 10 آلاف مغادرة وقدوم، لذلك الوضوح في الضفة موجود، و كيف نتعامل من خلال التواصل مع أهلنا في الضفة.

أما في فلسطين المحتلة فكانت هذه مشكلة المشاكل، وقد سبق لنا في اللجنة العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع أن عقدنا ورشة قبل عشر سنوات للتوافق على آلية التعامل مع أهلنا في فلسطين المحتلة ولكن للأسف لم نخرج بقرار ثابت، لاختلاف الآراء وانتم تعرفون طبيعة مجتمعنا ورؤياهم بالنسبة لهذه القضية الكبرى، كان هناك ممانعة من الحزب الشيوعي على بعض المفاهيم والمعايير ، فمثلاً موقفهم من التعامل من خلال تواصلهم مع رفاقهم في الحزب الشيوعي في فلسطين المحتلة، هناك أسئلة جوبهت بإجابات محيرة، كيف نتعامل مع شخص لديه شركة تصدير؟ هل نفتح له الباب أو نتواصل مع هؤلاء التجار أم لا؟ كانت هناك قضايا كثيرة متشابكة وهذه القضايا حالت دون التوافق،  وبقيت هذه القضية بدون إجابة إذا فتحنا الباب على الغارب للتواصل مع أهلنا في فلسطين المحتلة، فسنكون دخلنا في نفق التطبيع مع الكيان الصهيوني بطريقة غير مباشرة، وهذه قضية فيها إشكالية وإذا أغلقنا هذا الباب، فإننا حكمنا على أهلنا بالإعدام وأيضاُ ضيقنا عليهم الخناق، ودفعناهم لأن يرتموا بأحضان الكيان الصهيوني، فلا بد من التوافق في العصف الذهني وفي اللقاءات المختلفة على ثوابت التعامل مع أهلنا في الأرض المحتلة، نأمل أن نتوافق ونسمع كثير من الآراء حتى نطرحها مفصلة في مؤتمر عام لمجابهة التطبيع في اللجنة التنفيذية العليا بالتوافق مع الأحزاب والنقابات حتى يكون لنا دستور خاص بالتعامل مع أهلنا في فلسطين المحتلة، ونأمل أن لا يطول هذا المؤتمر أو التوافق على هذا الموضوع الشائك، لأن صفقة القرن وكأنها قاب قوسين أو أدنى إذا ما كانت في مراحلها الأخيرة، والواقع العربي والدولي والداخل في الأردن وفلسطين يقول بكل وضوح أن الأردنيين والفلسطينيين  ليس لهم مكان على طاولة المفاوضات ولم يدعوا للمؤتمر. آمل أن نصنع آراء من كل الإخوة في التوافق على هذا الموضوع مرة أخرى.

المهندس ياسر أبو سنينة “رئيس لجنة مقاومة التطبيع النقابية/ نقابة المهندسين”: 

لا بد أن نكون نحن العاملين في مقاومة التطبيع نملك أرضية قوية لمساعدتنا في تحديد آليات التعامل مع فلسطيني الداخل، بداية الكيان الصهيوني يطلق على فلسطيني الداخل عرب إسرائيل أو الأقليات، وهي جزء من رسالة الكيان السيئة التي أعتقد أنها ستصل من حال معين إلى حالة إيجابية، عندما يعتقد الداخل وهو ابن الأرض وهو صاحب الأرض أن دولة الكيان دولة تمثله، حين أنها التي تدعي أنها دولة ديمقراطية تسميك أقليات وهذه الرسالة جدا سلبية، العنوان كيفية التعامل مع فلسطينية الداخل، أنا متأكد ومتفق تماما أننا جميعا متفقون أن الحل لواقع فلسطيني الداخل هو إنهاء الاحتلال على أرض فلسطين، الأصل أن حالة الاحتلال هي حالة شاذة، وليست هي الحالة الدائمة التي من خلالها  سأحاول أن أحصل لمعايشة هذه الحالة.

كما ذكرت الدولة الصهيونية تتفاخر بديمقراطيتها لكن أعتقد أن هناك جزء من سياساتها الممنهجة السيئة الواضحة انها تستهدف الداخل، وكلنا مطلعين على قضية هدم المنازل، قضية التضييق على المشاركات السياسية والاقتصادية في موضوع البنية التحتية، حتى قانون القومية الذي فرض، حيث حاولوا فرض القومية اليهودية على الدولة، كل هذه محاولات لاضعاف من يدعون أنهم ديمقراطيون، لكن في نفس الوقت هم متسامحون في دمج فلسطيني الداخل في موضوع الدمج الاقتصادي، حتى يخلقوا حالة من التبعية، وأعتقد الآن رغم هذا أن حالة الوعي عند فلسطيني الداخل وهم أهلنا قد ازدادت في مثل هذه الظروف، حيث الأمر يتعلق بدرجة المواطنة، كما ذكرت وذكر غيري أن هذا الموضوع غير سهل، وهذا هم وطني يجب التركيز عليه، لكننا يمكن أن نعبر بحالة معينة بأن التعامل الشخصي مع فلسطيني الداخل هو أمر واجب استمراره، لكن التعامل الرسمي الذي يمثل حالة تطبيع واضحة، مثل التجاري صحي تعليمي أي يكن هذه هي النقطة التي يجب حسمها، كما يجب دراسة كل حالة بحالتها حتى لا ندخل في العميم وإطلاقاً لسنا معنيين في التعميم، لذلك يمكن خلال الفترة الأخيرة اخترقنا من التطبيع، وجزء مؤسف منه كان عبر أهلنا الداخل.

الجميع معني بصمود ورباط وثبات فلسطيني الداخل، الكل معني بهويتهم وليس المعني فقط هو الفلسطيني في الداخل، ولن يحل مشكلته بيده فقط، فهي قضية ذات بعد قومي وإسلامي أيضاً، نحتاج لمشروع جديد لتأسيس مشروع مقاوم جديد مشروع واعي جديد، ندعم فيه صمود أهلنا في الداخل، ونشكل حالة فكرة مقاوم يدعم صمودهم ويدعم حالة هذا المنطق، حتى أخرج من كل النقاط الخلافية حيال الإجابة عن فكرة التطبيع.

محمد لافي الجبريني ” عضو اللجنة الشبابية في جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية”:

التطبيع والعلاقة مع شعبنا في فلسطين المحتلة عام 48 لا ريب في أنه كان وسيكون دائما مثارا لأنواع عدة من مؤتمرات وورشات العمل، تقودها نخبة الباحثين المتخصصين في الداخل وفي شعاب العمل المقاومة وهيئات مقاومة التطبيع على مساحة الوطن العربي. ولا مفاجأة في أن نعلم أن العدو الصهيوني لم ينفك عن طرح قضية أهلنا في الأراضي المحتلة عام 48 على كافة مستويات كيانه حتى أعلى هرم فيه، وهو بند حاضر لا يغيب في هيئاته التشريعية والتنفيذية المختلفة، إن بورشات تناقش الخطط الموضوعة والتجديد عليها، او بسن قوانين تلائم التغيرات على الساحات عربية ودولية وفلسطينية.

السؤال المطروح عنوانا للجلسة هو محاولة لفض اللبس بين التطبيع وعلاقتنا مع الاهل في الوطن المحتل. لكن ابتداءً، هل نعتبر الفلسطيني في الداخل مطبعا إذا قام باستصدار بطاقة هوية (اسرائيلية)؟ بالتأكيد هذه ستكون مغالة طفولية بالنظر إلى الحالة المركبة التي يعيشها أهلنا حاليا، باعتباره سجينا مضطر للتعامل ضمن حدود قيده وظرفه الموضوعي. مع ان هذا الظرف اسيصل إلى مرحلة تفكيك مركباته التي ستمر بحرق تلك الهويات حين يتصاعد مشروع التحرير إلى المرحلة الملائمة. ويجدر ان نتذكر ان رفض وثائق العدو كانت واحدة من وسائل النضال التي خاضها شعبنا في مراحل الاحتلال الاولى جماعيا، ولا شيء يدعو الى العجب ان سمعنا عن رفض مستمر حتى اليوم بين حالات مختلفة؟

كذلك الأمر سينسحب على التعامل مع السلع والمنتجات الضرورية، ضمن تراتبية سيحكمها الوعي الوطني بين شعبنا باعطاء الاولوية دائما للمنتج ذي رأس المال الفلسطيني وبين الآخر اليهودي.

إذن فهذا يفترض أننا قد سبق وتعلمناه مسبقا ونظر له عدد من المثقفين الوطنيين، فينسحب على أهل الداخل المحتل لا ينسحب علينا كون خياراتنا أوسع بدرجة ما.

بالتأكيد فالبديهة لا يمكن أن تعتبر التواصل مع أهلنا في الوطن جريمة وطنية، فهم أهلنا وجزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني وقواه المناضلة، وامتداد طبيعي للهوية العربية الصامدة في وجه تنوع من الاحتلالات، يواجه شعبنا أصعبها طرا، وهو الاحتلال الاستيطاني الاحلالي القائم على طرد الشعب الاصلي واحلال شراذم من ثقافات متنوعة لتصنيع كيان واختلاق هوية له.

ومع ذلك كانت هناك، ومنذ بدء تطبيق معاهدات التطبيع وترويجها بدأت حملات ممنهجة قصدها تهويم ما هو واضح وتمييع البنا الفكرية لمقاومة التطبيع، بل وحتى تسخيف النضال الوطني في مواجهته وعزل مكاونات الشعب وتفتيت وحدته الكفاحية.

يبدا التشويه باعتبار الفلسطينيين اسرائيليين في الخطاب والذهنية، وحتى باستخدام صيغة عرب اسرائيل لتكون محملة بالايحاءات والغمز، مما يوجب الاعتراف بوجود هذا النوع وعدم تجاهله مهما بدا محرجا أو مكلفا معنويا. ان من جهة غيرة المسحوق العربي في قطره مما يتبدى له مجتمع يرفل في الرفاهية والحرية النسبية مقارنة بما بعانيه هو، او من جهة الغمز من ناحية تورط مجتمع الداخل في التماهي الكامل مع الكيان ومجتمعه وهو ما يشارك فيه الكيان والاعلام المشبوه والتجهيل المتعمد للمجتمعات بعد تخلي الحكومات عن قواعدها الثقافية وتسليم شعوبها للمنظمات المرتبطة صهيونيا على طبق من فضة.

قليل من الملاحظة المتجردة تكفي لاكتشاف حقيقة الوضع الذي يعيشه اهلنا هناك، ولن نتحدث عن التمييز والفصل والظلم الذي يتعرض له شعبنا تحت حكم الاحتلال، فالاخبار اليومية زاخرة والارقام والاحصاءات والقوانين اضخم من تلخص هنا.

لكن الملاحظة التي نقصدها بواقع اجتماعي ثقافي تاريخي يقاتل فيها شعبنا يوميا. وهي معركة الوجود التي تمثل بؤرة مشروع التحرير فلسطينيا والوحدة العربية قوميا، حتى تقرر عجلة التاريخ ومن يفرض ارادته فيها على التغيير، فإما أن يصل العدو إلى نضوج مشروعه النهائي بتهجير وقتل كل فلسطيني على أرضه التاريخية، وهو ما يعمل عليه بداهة طوال العقود السبعة المنصرمة بمنهجية لا تغيب عن عين عاقل، أو باستعادة حركة المقاومة لزمام جوهر وجودها وهو تحرير كامل التراب العربي وكنس آخر عناصر الاحتلال.

اذا اتفقنا على هذا التصور فنحن سنكون في غنى عن استهلاك طاقاتنا في مناقشة نظريات هدامة أخرى، من النوع الذي نظر له عدد من المتفلسفين انطلاقا من الثقافة الامبريالية وان بدو أنهم يناهضونها شكلا، فإنهم يوافقون على جوهر مشاريعها. ونعني هنا النماذج التي نظر لها أمثال ادوارد سعيد وعزمي بشارة كأبرز الاسماء الاعتبارية في سياق ما يسمى حل الصراع العربي الاسرائيلي عبر ما يسمى تارة بدولة ثنائية القومية وتارة عبر دولتين لشعبين، وهو ما نعتقد أنه انهاء القضية الفلسطينية وتسليم رقبة وجود الشعب الفلسطيني لسكين العدو الصهيوني العالمي.

أما طاقتنا الحقيقية فهي ليست بابتداع جديد نختلقه فيه، وليست الهاما عبقريا تفتقت عنه أفكارنا، اللهم إلا اذا اعتبرنا العودة إلى جادة الصواب عبقرية بعد سنوات من التطبيع المكثف والتراجع الفلسفي لمفهوم المقاومة، الشرعي والوحيد، وتغلغل خبائث الليبرالية في جسم حركة المقاومة بالاستسلام إلى ما يسمى فن الممكن، تهويما على الحقيقة وهي الاستسلام للعدو وأدواته.

وأهم طاقة نوجهها تبدأ بإعادة نفض الغبار عن أصالة علاقتنا مع أهلنا في الداخل، ولفظ الغث الذي يزور علاقتنا ليكون مبررا للتطبيع، فالعملية بتلك البساطة، كم هي بذاك التعقيد إن كان الخلل فينا نحن من نتبنى المقاومة والتحرير على قاعدة قومية عقيدة لنا في المحيط العربي للوطن المحتل. وهو ما سنتفرض أن هيئات وتشكيلات المقاومة قد تمكنت من حله، فاستعادت الروح القتالية لتدافع عن نهجها واسترددت أدواتها البديهية، فلا بد من أن تفرض طبيعة الاشياء والحس السليم علينا اعادة التواصل على تلك القاعدة مع أهلنا في الوطن المحتل.

سنجد بكل ما للحتمية من معنى، الايادي وقد تبدلت بين وسخة تستخدم عربيتها ولا أقول عروبتها لتمارس دور التيس المحلل للتحايل على التطبيع، إلى الأيادي المتعرقة شوقا لتستعيد امتدادها القومي والوطني الفلسطيني حتى لإكمال متاريس عجلة التحرير.

قبل الوصول الى ذلك فإننا كمعادين مناهضين للتطبيع وفي ظل الانكفاء الذي أصاب نضالنا مسؤلون عن تقويم علاقتنا بأهلنا في الداخل، ما يفرض علينا عدم التعامل مع الحالة الفلسطينية كمجموع متكامل وحالة شعبية واحدة، فسنوات من الاحتلال كفيلة بافراز أشكال متعددة من التماهي مع الاحتلال تجعلها أحيانا غشاوة تعجب الخجول يدعي بسببها عدم رؤيته للتطبيع. فيكون الفرز بين كل حالة بمعايير مناهضة التطبيع الواضحة من جهة، وبتكريس الوحدة الثقافية من جهة.

ربما لم تكن منظمة التحرير ابان تأسيسها كجامعة لفصائل المقاومة قد اختارت قرارا حكيما حين لم تكن تصرح علنا أن فلسطينيي 48 جزء ممن تمثلهم شرعيا، وكان التبرير أنذاك حتى لا تزيد العبئ والتضيق الصهيوني عليهم وهم تحت حكم الاحتلال المباشر، وهو ما كان سببا من الاسباب التي أجبرت شعبنا بعد مراحل عديدة من النضال الجذري برفض كل ما يعبر عن الاحتلال للتعامل الضرورة بعد أن كان البديل القائم حتى الان هو التهجير وافراغ الارض، ورغم ذلك استمر شعبنا يمارس دوره النضالي دون انقطاع، ابتداء من الانتظام في فصائل المقاومة في الشتات مرورا بممارسة المقاومة السلبية وحتى انتاج خلاياه وتنظيماته المستقلة أو حتى تطبيق نهج ما يسمى الذئاب المنفردة لنفيذ عمليات نوعية عديدة.

ثم كان أن كرست المنظمة والنظام العربي الرسمي ذلك بمعاهدات الاستسلام التي تركت شعبنا وحيدا يمارس مقاومته بما توفر له ذاتيا، أو بما ينجح به من تواصل مع المقاومة في المحيط العربي والشتات المقاوم.

هذا ما يبرز الحالة التي تقوم عليها طريقة التعامل مع فلسطيني الداخل، قاعدة التواصل الثقافي وهي مبنية على تأكيد عدم التعامل مع العدو الصهيوني ومنتجاته الثقافية والمادية، أما المادية فليس نافلة أن نذكر بستمرار وإلحاح على مقاطعة منتجاته وسلعه، وتصويب الاصبع بدون تردد إلى كل عين وقحة استمرأت نبرير هذا التعامل، بكون هذه البطاطا نتاج مزارع من تراب فلسطين، وهذه الرحلة الممهورة بشمعدان مسروق هي شوق للأرض السليبة. مهما اشبعت مواثيق لجان مقاومة التطبيع فيها شرحا فلا زلنا نفتقد لشراسة المواجهة العملية مع أشياطينها.

وكما لم تقصر بنود لجاننا بهمم طليعة من المناضلين في المادية فلم يعزب عنها شرح وتفنيد تلك الثقافية او السياسية، وهو الخطر الذي بات يتسلل كأفعى ملساء، يتمثل نشاطها بالتعاون مع الأحزاب والجمعيات المدنية الصهيونية.

لقد طارد العدو باستمار كل حالة فلسطينية مستقلة، ولا زال يحاصر أي شكل سياسي يعبر عن هوية فلسطينية تستقي من جذورها العربية والثقافية الاسلامية مادتها، ما كان سببا -وان كان ليس جوهريا- دفع ببعض أبناء الداخل لمحاولة الانتماء في بناه (الديموقراطية) المفصلة بمسطرته طبعا، ولنفترض اعتباطا أنها كانت بحثا عن مساحة لممارسة النضال وانتزاع شيء من الحقوق من هذا الكيان –الذي ما عاد عدوا لحظة الانخراط- وبأدواته التي شرعت وجوده وممارساته ذاتها.

هذه التراجيكوميديا ستبدو طريفة طرافة رواية المشائل بالنسبة لمن يؤمن بهذا النوع من النضال ويعتبر هذه الدائرة نوع من السخرية المتمرمرة التي تتسول الشفقة من جمهور العدو الانساني على واقع لا يمكن التعامل معه بأفضل من ذلك، أما اذا اعتبرنا قضيتنا جدية وأمنا بأهداف نضالنا الجوهرية –ولا بد لنا من ذلك- فهذا ليس مما يدعو إلى الضحك، ولن يكون حتى جائزة ترضية للضمير ونحن نقدم للعدو خدمات مجانية عن طيب خاطر وننسلخ عن قضيتنا بل وندين بحسم مقاومته المسلحة.

هذا هو ما ينتج عنه تعاملنا مع ما يسمى الأحزاب الصهيونية المتلفعة بدثار واه من اليسار والشيوعية أو المدنية.

اننا بحسم يجب ان نكون في صف المواجهة مع هذا النوع من التطبيع والرفض المطلق في أن نكون خرقة يتمسح فيها فلسطيني من الداخل لتبرير انخراطه ذلك. دفاعا عن قضيتنا وأهداف نضالنا وعن وجوده الكياني بالضرورة.

سنظل امتدادا دائما ديمومة كفاح شعبنا في كل مكان يرزح فيه تحت الاحتلال ونضالنا جزء لا ينفك من كفاحه ومقاومته حتى اكتمال المشروع بالتحرير. وتواصلنا قائم لم تعقه يوما أساليب الاحتلال ولن يعاق اليوم،. فمرحى ألف مرحى لأي تواصل بين الأياد النظيفة من التطبيع والمهادنة هنا ومن التعامل مع العدو هناك

د. أديب الدبس ” أمين سر نقابة أطباء الأسنان في فلسطين” .

التطبيع هو مصطلح إسرائيلي جاء بديلاً لمصطلح المقاطعة العربية الذي تبنته الجامعة العربية، في مكتب المقاطعة العربية، وكان يشمل المقاطعة التجارية والزراعية والعلمية والأكاديمية إلخ، منذ اتفاقية كامب ديفيد، أول بند من بنود الكامب ديفيد كانت إعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين، ومحاولة الدخول الى الوطن العربي وإلى الأمة العربية والشعب العربي، حتى أنهم تجاوزوا موضوع التطبيع الرسمي، واستعجل في مجال التطبيع الشعبي المباشر من خلال الرياضة والسياحة وإلخ ووقعت بروتوكلات تعزز هذا الموضوع، ومع احترامي لما طرحه زملائي فنحن نبدو أننا مختلفين على التفاصيل بينما نحن متفقين، فالمطبع في تعريفنا المختصر هو الخائن بشكل مباشر، وذلك ينجر على أي شكل سواء فردي أو جماعي مؤسسي أو أياً كان، وما نختلف عليه هم أطبائنا الذين تعلموا أو يعملون في مؤسسات طبية صهيونية؟

لسنا مختلفين مع العنوان العربي، وإلا لكان الأمر متاحاً دون رصد، إنما التفاصيل هي ما تجعلنا نتناقش ملياً، فما قد نعتبره اليوم ليس عملاً تطبيعياً قد يصبح غداً كذلك، فالشيطان يكمن في التفاصيل، وهنا نطالب بالتمييز بين فلسطيني الداخل، وبين فلسطيني الضفة وغزة، وبين الفلسطيني المقيم في القدس، فما ينطبق بالتفاصيل على كل فئة يختلف عن الفئة الأخرى بحسب الظروف المباشرة، فالمعايير تختلف بحسب المنطقة وأحياناً بحسب المرحلة الزمنية، لكننا نعتبر أننا نملك مرجعية محددة وهي اللجنة الفلسطينية لمقاومة الفلسطينية التي تأسست في عام 2008 تضم في بنيتها ممثلين عن جميع القوى الوطنية والنقابية وكافة المؤسسات المعنية في العمل العام في فلسطين المحتلة، هي الموجه للمنظمات العربية والثورية المناصرة للشعب الفلسطيني.

وكي لا نخرج عن الإطار الوطني العام، فلنتفق على التعريف الذي وضعته الـ BDS لتعريف من هو المطبع وهو تعريف عام؛ هو المشاركة أو مشروع أو نشاط أو مبادرة محلي أو دولي مخصص للجمع بشكل مباشر بين فلسطينين أو عرب وإسرائيلين أفراداً كانوا أو مؤسسات، لا يهدف صراحة لمقاومة أو فضح ممارسات الاحتلال وكل أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني، أهم أشكال التطبيع هي تلك النشاطات التي تهدف إلى التعاون العلمي أو الفني أو النسوي أو الشبابي، أو إلى إزالة الحواجز النفسية يستثنى المنتديات والمحافل الدولة التي تعقد خارج الوطن العربي كالمؤتمرات أو المهرجانات أو المعارض التي يشترك فيها إسرائليون، ولا تهدف إلى جمع الفلسطينين أو العرب يضاف إلى ذلك المحاضرات العامة، كما نستثني من ذلك حالات الطوارئ المتعلقة بالحفاظ على الحياة البشرية كانتشار الأوبئة أو المشاركة في العمل الإغاثي.

وما يهمنا أكثر شيء حالياً هو الموضوع العلمي والعملي في الجزء الدارس والعامل في مؤسسات صهيونية تابعة للاحتلال، هو الدعوة إلى تدقيق المفاهيم بشكل أوضح من هناك، ونحن نعتبر أن مرجعيتنا في هذا أيضاً BDS للتعبير وهو اعتبار أن الدراسة في الجامعات الإسرائيلية من قبل فلسطيني الـ 67 إعطاء الأولوية للدراسة في الجامعات العربية، ثم يتبعها الجامعات العربية أو الدولية، ولكن في حال عدم توفر التخصص إلا في جامعات إسرائيلية مع عدم تشجيع الحركة على الدراسة فيها، لأنها تساهم في إضعاف بنية المقاطعة، مع تشجيعنا على رفع المستوى الأكاديمي، ويستثنى الحالات الفردية التي لم تجد سبيلاً لنفسها وتتخللها حالات قصرية الاضطرارية بالفعل لا تعتبر تطبيع، وبما أننا لا نملك الموارد الكافية لا بد من إيجاد أرضية تعاون مشتركة مع الجميع.

أما التعامل مع حملة الشهادات الإسرائيلية، إذا كانت دراسة المواطن 67 دراسة قصرية فلا يمكن اعتبار ذلك تطبيع بالتالي إلى عدم مقاطعة أي حالة من هذه الحالات، إذا كانت دراسة طوعية لا قصرية حسب معايير حركة المقاطعة، فذلك يخالف المعايير وندعو لعدم الاعتراف بهذه الشهادة وعدم التعامل مع أصحابها، وما ندعو إليه هو إيجاد أرضية عامة، ونفترض أن ما نقبله نحن الفلسطينين في الداخل أن تقبلوه أنتم، وما نرفضه نحن ترفضونه أنتم، لا يوجد داعي أن نذهب إلى معايير اتهامية مختلفة.

 

عن harka

شاهد أيضاً

المطبعون يتنحون بالشريعة/دراسة.

لمؤسسة الشريعة وجهان تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه التطبيع، موقف متورط في الخطاب التطبيعي ومروج له، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();