الرئيسية / آراء ومقالات / من استعداد للخصخصة وبيع كل شيء إلى دعم “إسرائيل” إلى التآمر على فنزويلا.. البرازيلي “بولسونارو” عدوّنا

من استعداد للخصخصة وبيع كل شيء إلى دعم “إسرائيل” إلى التآمر على فنزويلا.. البرازيلي “بولسونارو” عدوّنا

السيد شبل/ كاتب وباحث سياسي (مصر)

في نوفمبر 2018، وبعد فوز اليميني “جايير بولسونارو” في انتخابات الرئاسة البرازيلية، أعلن على الفور عزمه نقل سفارة بلاده في الكيان الإسرائيلي من “تل أبيب” إلى القدس المحتلة، ووجه دعوة إلى بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال لكي يحضر حفل تنصيبه، وقد لبى نتنياهو الدعوة بالفعل، في خطوة تكشف مزيد من التأييد للكيان، وتضفي شرعية أكبر على الاحتلال القائم للأرض العربية الفلسطينية، وكان من الطبيعي أن يصحب تلك التصريحات تهليل من الإعلام الصهيوني الذي اعتبر أن البرازيل بتلك الخطوة ستكون ثالث دولة تنقل سفارتها إلى القدس بعد الولايات المتحدة وغواتيمالا.

في منتصف ديسمبر 2019 يطير إدوارد بولسونارو (نجل رئيس البلاد ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان) إلى فلسطين المحتلة ليفتتح مكتبًا تجاريًا برازيليًا في القدس، ويزور مغتصبة “بساجوت” المقامة على الأراضي الفلسطينية، ويعلن أن بلاده ستنقل سفارتها إلى القدس، في العام 2020.. واستكمالًا للسياق ذاته يؤكد عزم الحكومة البرازيلية إدراج “ح ز ب الله” على قائمة الإرهاب!.

ليست مفاجأة أبدًا سياسات بولسونارو تجاه العرب وقضيتهم المركزية (تحرير فلسطين)، ومن المنطقي تمامًا أن الطرف الذي يسير في الركب الأمريكي، فإنه يتحرك بسياسات بلاده لتحاذي نهج واشنطن في القضايا الدولية، وعلى رأسها الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني، وكان حاكم البيت الأبيض دونالد ترمب قد اعترف في ديسمبر 2017 بالقدس المحتلة كعاصمة للكيان الإسرائيلي، ثم نقل السفارة الأمريكية إليها في 14 مايو من العام التالي، وبهذا طاوعت الويلات المتحدة سلطات الاحتلال التي أعلنت في العام 1980 أن القدس بشطريها (الغربي المحتل في 1948) و(الشرقي المحتل في 1967) عاصمة “موحدة وأبدية” لـ”إسرائيل”، في قرار لم يعترف به حينها “المجتمع الدولي”.

تصرفات بولسونارو في أمريكا الجنوبية، حيث تقع البرازيل ذات الـ 8,51 مليون كم2، يمكن توقعها كسلسلة متتابعة من المواقف المتناغمة مع كونه يميني وموالي لواشنطن، فمن بداية حملته الانتخابية، وهو يطلق التصريحات المعادية لجميع الأنظمة اليسارية التي حكمت في أمريكا الجنوبية، ويذهب بعيدًا إلى حد الحنين لسنوات الديكتاتورية العسكرية في البرازيل (وهي الفترة التي امتدت لنحو عقدين من الزمن بداية من عام 1964، وذلك بعد أن أطاح الجيش بالرئيس اليساري المنتخب جواو جولارت، عبر انقلاب تم دعمه من قبل الولايات المتحدة في عهد الرئيس ليندون جونسون امتدادًا لـ”عملية الأخ سام” التي أطلقها جون كينيدي “لمنع البرازيل من أن تصبح الصين أو كوبا أخر”).. إذن تلك هي خلفية “بولسونارو” وإلى هذا الزمن يحنّ، وعليه كان من المنطقي بعد نجاحه في الانتخابات – معتمدًا، من جهة، على دعم الطبقات الثرية المتمركزة في جنوب شرقي البلاد، ومن جهة ثانية على تصريحات شعبوية تستثمر في/وتضخم من صور الفساد وانعدام الأمن بالبلاد، ومن جهة ثالثة على التيار الديني المحافظ-، أن يعلن استثناء أنظمة كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا من الدعوة إلى حفل تنصيبه كرئيس، أي أنه استثنى جيرانه المرفوضين من جانب البيت الأبيض، بل وأعلن في خطاب عام أنه سيفعل كل ما يستطيع القيام به ضد تلك الأنظمة.. في الوقت نفسه كان “نتنياهو” في الطريق لحضور حفل التنصيب !.

في مسألة فنزويلا تحديدًا وأزمتها التي تسعى واشنطن للنفخ المستمر في نيرانها، لم يتأخر “بولسونارو” عن تقديم الدعم للمؤامرة، فهو يعتبر النظام الفنزويلي المنتخب ديكتاتوريًا!، وصرّح بأنه مستعد لدعم “ترمب” ومساعيه التي وصلت إلى حد التهديد بالغزو الممسلح!، وصعّد الأمر إلى حد استقبال “خوان جوايدو” في البرازيل بأواخر فبراير 2019، معلنًا دعمه لهذ الصبي الأمريكي، الذي تم صناعته وتحريكه لكي يعلن نفسه رئيسًا لفنزويلا-دون أن ينتخبه أحد- ويبدأ في حصد التأييد والاعتراف من الدول التابعة لواشنطن.

يحسب “بولسونارو” عمومًا على اليمين المتطرف، ويطلق العديد من التصريحات التي تعتبر مهينة للنساء (لكنه يلطّف بعضها لاحقًأ) أو رجعية على المستوى الاجتماعي حسب المفهوم الليبرالي للحريات الشخصية، إلى جانب هذا هو يدغدغ مشاعر بعض القطاعات عبر الخطاب المحافظ الذي يدافع، مثلًا عن “القيم الأسرية”، وهو كاثوليكي، يعود إلى أصول إيطالية، وينتمي إلى اليمين المسيحي (وهذا متسق تمامًا مع مواقفه السياسية، بداية من دعم “إسرائيل”.. وإلى آخره).

عقب فوزه كرئيس، غادر بولسونارو الحزب “الاجتماعي الليبرالي”، وأسس حزبًا جديدًا تحت اسم “التحالف من أجل البرازيل” جعل شعاره “الله، العائلة، الوطن”!، مشددًا، بشكل أو آخر، على تحجيم العلمانية وعلى “إجلال الرب والدين!” والعداء للاشتراكية، وتبني نهج ليبرالي تمامًا على المستوى الاقتصادي.. هذا النهج الأخير يقف خلفه وزير الاقتصاد “باولو جيديس”، وهو يعلن صراحة أن المخطط الاقتصادي الذي ينتظر البرازيل بعد 13 عامًا من حكم اليسار، هو الخصخصة وبيع كل شيء (!)، وتخفيض الإنفاق الحكومي، مدعيًا أن هذا هو الحل لإعادة التوازن إلى الحسابات العامة المتهالكة للبلاد، وأنه السبيل لجذب الاستثمار الأجنبي، لكن تلك الإجراءات الاقتصادية المتطرفة، يتم كبحها أو تأجيلها حاليًا، لتجنب الغضب الشعبي، خاصة وأن دولًا عديدة مثل تشيلي والإكوادور وكولومبيا قد شهدت اجتجاجات شعبية ضد سياسات التقشف والنهج المسمى زورًا بـ”الإصلاحي”، ويتمتع هذا النهج الاقتصادي الليبرالي بدعم من “إدوارد بولسونارو”.

هذا النهج الاقتصادي، والذي ظهرت بشائره، قد دفع عدد من المعلمين والطلاب والموظفين إلى الاحتجاج على ما اعتبروه اقتصاعًا من ميزانية التعليم، واعتبروا أن ما يحدث يحدث نوع من تقطيع أوصال التعليم الوطني والصحة والخدمات العامة، وأن هذا يستلزم نضالًا ضده، وأنه بسبب تخفيض الإنفاق على التعليم قد تم تجميد آلاف المنح الدراسية، بما يعني أن التعليم سيقتصر على من يملك المال، وأنه ردة عن حال إيجابي كانت عليه البرازيل.

الخلاصة أن “بولسونارو” هو نموذج للرئيس الذي لا يجب أن يتمناه الفقراء في البرازيل وبالمثل المناهضين للصهيونية والهيمنة الأمريكية خارجها.

عن harka

شاهد أيضاً

دوغين والجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة.

يعد ألكسندر دوغين من أهم أعضاء الفريق الاستراتيجي الذي يحيط بالرئيس الروسي، بوتين، كما يعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();