الرئيسية / آراء ومقالات / أدب وفكر / مدخل في نقد المنتقد “حول الكلونيالية ونمط الإنتاج الاستبدادي عند مهدي عامل “

مدخل في نقد المنتقد “حول الكلونيالية ونمط الإنتاج الاستبدادي عند مهدي عامل “

سيد البدري/مصر 

27/11/2019

حول الكلونيالية ونمط الإنتاج الاستبدادى.
مدخل فى نقد المنتقد.
عودة على بدء .

“مداخلة الموقع: مؤخراً يتم طرح مهدي عامل فكرياً كمفهوم قادر على تفسير الواقع العربي اليومي في ظل طرح السؤال الأهم عن مفهوم التحرر والتقدمية وشروطهما، وخاصة بعد رسوخ المشروع الأمريكي والغربي فيما يسمى الربيع العربي في موجاته الأولى والثانية، إن البحث عن نظرية تحرر وطني وقومي ليست مجرد حالة من الترف الفكري بقدر ما هي ضرورة تاريخية في التبني، مهدي عامل وغيره من المفكرين العرب قدموا طروحاتهم سابقاً، ونقدهم من حيث مراكمة الفكر والمحركات الفكرية في المجتمع هو جزء هذه الضرورة”

بصرف النظر عن سقطات مهدى عامل البنيوية إلا أنه أسهم بقدر ما – رغم تناقضات رؤيته – فى فهم بعض خصائص العلاقة بين بنية التبعية من ناحية والإمبريالية من ناحية أخرى ، وهذا على الأرجح نتيجة تاثره ببنيوية ألتوسير المتأثرة بدورها بالرؤية الماوية فى مرحلة ما .
ولكن لكى نكتشف عدم دقة تعبيرات مهدى عامل ، يجب علينا محاكمة تعبير البرجوازية الكلونيالية الذى شيد عليه الجزء الأكبر من رؤيته ، وأنا أفرق هنا بين لفظ الكلونيالية وبين دلالته التى يمكن إيجاد جزء منها ضمن مفهوم بنية التبعية ، هذا التعبير مأخوذ من ليفى شتراوس والذى قدمه فى رؤيته النقدية لمفهوم الايدلوجيا لدى المستشرقين ، وهو مفهوم ادبى بالمقام الأول يعكس ذهنية الاستتباع، و لا يعكس بنية مجتمعات الاستتباع الطبقية، فهو مفهوم له دلالاته من حيث علاقته بالايدلوجيا الإمبريالية وليس بعلاقات انتاجها ، ولا طابع انتاجها ولا خفايا قوانينها الذاتية ، لماذا؟
بداية فان مفهوم البرجوازية كما قدمه ماركس يشمل كامل الطبقات البرجوازية سواء الصغيرة أو المتوسطة منها والكبيرة على حد سواء ، وذلك ضمن إطار فهم المجتمع الرأسمالى وعلاقات الملكية فى بدايات تشكل الرأسمالية فى أوروبا، والتى لم تكن بعد قد اتخذت طورها الاحتكارى والامبريالى الذى عالجه لينين فيما بعد .
ومهدى عامل تعامل معها كلها ككتلة واحدة متجانسة وهذا منافيا للفهم الماركسى ذاته ، اللهم من زاوية مسألة الملكية فقط ، فضلا عن إغراقها كطبقة واحدة فى نمط انتاجى واحد ، متجاهلا لينين أحياناً، ومغرقا فيه أحياناً أخرى، فهو تارة يتعامل مع الرأسمالية كبرجوازية فى ذاتها وكأن الإمبريالية لم توجد بعد ، وتارة أخرى يعاملها ككتلة تابعة يشترط وجودها العلاقات البنيوية مع الإمبريالية، وهنا تحديدا يكمن تناقض مهدى عامل مع ذاته أو مع مفهومه الذى شيد عليه رؤيته الخاصة ، فنجده يعامل علاقات الإنتاج السابقة على الرأسمالية فى مجتمعات الأطراف كانها وجدت لكى تشكل وحدة واحدة من الكلونيالية بطابعها العام ، والذى نتفق معه فى كون محدده خارجى، أما طابعها الخاص – والذى يثبت العام ولاينفيه – فلا نجده عند مهدى عامل ، فهو يهرب منه ويعود إليه ليس بمفهوم علاقات الإنتاج ماقبل الرأسمالية، بل ضمن مفهوم البرجوازية الكلونيالية ، وكأن هذا المفهوم هو الثقب الأسود الذى يبتلع كل مكونات التشكيلة الاجتماعية للمجتمعات الطرفية، إن عدم تحديد طابع كل من شرائح الرأسمالية الإنتاجى وتقسيمها الطبقى سواء من حيث الحجم أو النشاط يجعل فهم علاقة الإمبريالية بالراسماليات الطرفية التابعة لها مستغلقا عليه .
إذاً وعلى الرغم من أن مهدى عامل يعد أبرز مفكرى الشام الذين اهتموا ببنية البرجواوية فى علاقتها بالامبريالية إلا أنه أغفل بسبب من قصور منطق البنيوية الكلى – حيث انه كلما زادت عوامل التفاعل الجدلى بين الداخل والخارج أصيب نموذجها المعرفى بالتشتت – وهو ما لم تقع فيه الماركسية التى تربط عند سمير أمين القوانين العامة بالخاصة، والمركز بالاطراف ضمن رؤية جدلية ، بل إن سمير أمين ومدرسة النظام العالمى أسسا لقوانين الرؤية الجديدة المادية التاريخية المخالفة لاطوار المراكز، وهو ما لم يكتشفه مهدى عامل وحال بينه وبين تبيان تحليل البنية الاجتماعية، فلا الطوائف ولا الأيدلوجيا الدينية إلا شكلاً خاصاً من أشكال التعبير عن تلك البنى.

نمط الإنتاج الاستبدادى.
مرة اخرى يلجا مهدى عامل إلى ثقب أسود آخر ، بسبب عجز بنيويته عن تتبع واستكناه طبيعة التشكيلات ماقبل الرأسمالية فى الشرق ،فهو يهرب من الوصف المادى التاريخى لعلاقات الانتاح ، ويستبدلها بشكل هيمنتها أو حكمها ، فهو يهرب من وصف الخراج ويسميه بنمط الإنتاج الاستبدادى، ليس هذا فحسب، بل وجعله لنمط الإنتاج الاقطاعى أساس الشرق وهو عكس الواقع وما يثبته التاريخ تماما .
فى اعتقادى أن مهدى عامل كان من الممكن أن يتجاوز هذا التناقض المنهجى لو أنه تحرر من سطوة النمذجة البنيوية ، وفى زمانه تشكلت مدرسة النظام العالمى ، وأجابت عن أسئلة كثيرة كانت مستغلقة، وتطورت لتصل لرؤية دقيقة وعلمية عن فائض القيمة المعولم تعامى عنه مهدى عامل ، وفضل نحت مفاهيم أعاقته عن رؤية العالم كوحدة تحليل وعن الواقع الطرفى الذى يمثل الخصوصية التى تثبت العمومية.

عن harka

شاهد أيضاً

ما هي الإمبريالية

بعد الدعم العسكري والسياسي الذي قدمته روسيا لسوريا خلال العشرية التكفيرية العثمانية التي عاشتها سوريا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();