الرئيسية / آراء ومقالات / على هامش عملية اغتيال “قاسم سليماني”

على هامش عملية اغتيال “قاسم سليماني”

دَوْر شركة “جي إس 4” في فلسطين المحتلة وفي الدول العربية

الطاهر المعز 06/01/2020

أوْرَدَ موقع “ميدل إيست آي” البريطاني بعض التفاصيل عن اغتيال اللواء الإيراني “قاسم سليماني”، في مطار بغداد، ومن بين هذه التفاصيل أن مُحيط المطار يَضُمُّ إحدى أكبر القواعد العسكرية الأمريكية، وأن رحلة الطائرة العادية التي ركبها “سليماني” تأخرت عند انطلاقها من دمشق، ساعتَيْن وعشر دقائق، ومع ذلك تم استهداف “سليماني و “المهندس” في المطار الذي تُشرف شركة “جي إس 4” ( GS4 ) على إدارة الأمن فيه، وتعاقدت هذه الشركة مع جيشيْ الإحتلال الأمريكي والبريطاني، لتنفيذ بعض “المُهمّات” أو “العمليات القَذِرَة”، في أفغانستان، وكذلك في العراق، منذ 2003، وهي شركة عابرة للقارات، تُشغل حوالي 670 ألف شخص عبر العالم، برأسمال مختلط بريطاني وأمريكي وصهيوني وغيره، وتُشرف على إدارة الأمن في عدد هام من المطارات والمؤسسات ومُنشآت النفط وغيرها في البلدان العربية، وعلى مراقبة الأَسْرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية، وعلى المحتشدات التي أُعدّت خصيصًا للمهاجرين في أوروبا وفي أمريكا، وفي البلدان التي تعاقدت معها، وتدعو حركة مقاطعة الكيان الصهيوني “بي دي إس” إلى مقاطعتها، وتسجيلها كشركة أمنية متعاونة مع الإحتلال، بسبب دورها في “توفير المعدات والخدمات الأمنية للسجون (الصهيونية) والمُساعدة في إدارة السّجون ونقاط التفتيش ومراقبة المُسْتوطنات، وبسبب تواطئها في ارتكاب جرائم ضد الأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم أكثر من 600 طفل سنويا (أقل من 18 سنة)، وإشرافها على إدارة مراكز تدريب الشرطة والحواجز والمستوطنات والقواعد العسكرية” الصهيونية، وتُشارك هذه الشركة في مجمل الحُرُوب العدوانية، وهي مُسجّلَة كشركة بريطانية، ولها مقر فرعي في الإمارات، وفي أكثر من 120 دولة، وكتب الموقع البريطاني (ميدل إيست آي) أن “سليماني” و”المهندس” لا يستخدمان الهواتف “الذكية”، ويتنقلان بسيارات عادية، مع عدد صغير من المرافقين، ما يُعسِّرُ عملية تعقُّبِهِما، لكن يبدو أن للإستخبارات الأمريكية (وغيرها) عُروق مُتجذّرَة في العديد من المواقع الحسّاسة في المُدُن العربية…

استفادت شركة “جي إس 4 ” منذ بداية القرن الواحد والعشرين، من الوضع الإقتصادي السيء لقطاعات متزايدة من المواطنين في أوروبا، ومن زيادة العنف والحُروب العدوانية في العالم، ومن خَصْخَصَة معظم الخدمات في السّجون، وارتفعت أرباح الشركة، خصوصًا منذ 2005، بالتوازي مع ارتفاع عدد الفُقراء والعاطلين عن العمل، في أوروبا وفي العالم، ومع ارتفاع وتيرة القمع، وارتفاع عدد الأصوات التي حصلت عليها تيارات اليمين المتطرف في أوروبا والعالم، وأصبحت تحتكر الإشراف على مراقبة المطارات والموانئ، ونقل الأموال، وإدارة السّجون، والإشراف على مراقبة الحُدُود، بالإضافة إلى تنفيذ “مُهمّات أمنية”، نيابة عن الأنظمة الرجعية (السعودية والبحريْن والولايات المتحدة) ومهمات حربية، في مناطق الحرب، في أفغانستان أو العراق أو اليمن (نيابة عن السعودية وحلفائها)، وصرحت المناضلة التقدمية الأمريكية “أنجيلا ديفيس” أن شركة “جي إس 4 ” تسللت إلى حياتنا، “بذريعة أمن وسلامة الدّولة”، وأشرفت على تعذيب المساجين السياسيين في العالم، وعلى تعذيب الأسرى الفلسطينيين، وحققت الشركة الأمنية أرباحًا بنحو 150 مليون دولارا سنويا، منذ 2010، من إدارة مراكز احتجاز المُهاجرين، في الولايات المتحدة وفي بلدان الإتحاد الأوروبي، والدول المتعاقدة معه…

ازدهرت أعمال شركة “جي إس 4″، رغم الفضائح العديدة التي رافقت تَوسّع مجال نشاطها، ففي سنة 2012، ندّدت النّقابات بطريقة إدارة هذه الشركة للسجون التي وقعت خصخصتُها في بريطانيا، وطريقة مُعاملة المُوظّفين والسُّجناء، وفي بداية سنة 2016، نَشَرَت شبكة “بي بي سي” تحقيقًا أظهر (بالصوت والصورة) سوء معاملة هذه الشركة للموظفين في أحد المراكز التي تُشرف عليها، لتدريب رجال الأمن، ووإساءة معاملة المساجين القاصرين (بين 14 و 17 سنة من العُمر)، في أحد السجون الخاصة بالشباب، حيث اتُّهم طاقم الحراسة وحفظ الأمن في السجن، بسوء السّلوك وإساءة المُعامَلة، واضطرت الشركة إلى فَصْل أربعة موظفين، كما اتُّهِمت الشركة، سنة 2013، بتعذيب المساجين، واستخدام “العُنف المُفرط”، و الحَقْن القَسْرِي والتعذيب بواسطة الصدمات الكهربائية في أحد سجون جنوب إفريقيا، التي تُشرف على إدارتها، وفي سنة 2012، فازت شركة “جي إس 4” بعقد هام مع اللجنة الأولمبية الدولية، لاختيار وتدريب حراس الأمن لدورة الألعاب الأولمبية “لندن 2012″، وتعاقدت شركة “جي إس 4” مع شركات فرعية صغيرة، بأسعار منخفضة، للقيام بهذه المُهِمّة التي تُوّجَتْ بفشل ذريع، وخسائر لللجنة الأولمبية، فيما فاقت قيمة العقد 400 مليون دولارا، وأقالت الشركة مُديرها العام الذي حَصَل على حوالي 1,5 مليون دولارا…

رغم الفضائح العديدة، والتقصير في تنفيذ العُقُود، والتعذيب والتّعْنيف، فازت الشركة بعقود تدريب وتأهيل بعض فِرَق الشرطة والجيش، والإشراف على الأمن والسّجون في إيرلندا الشمالية (التي تحتلها بريطانيا)، ما يدل أن الحكومات البريطانية المُتعاقبة، كانت (ولا تزال) تُبارك، أو تُغَطِّي النشاطات المَشْبُوهة لشركة “جي إس 4″، رغم خسارة بعض العُقُود إثر حملات حركة المقاطعة “بي دي إس”، ولا تزال تحقق أرباحًا سنوية بقيمة تعادل خمسمائة مليون دولارا…

وقّعت العديد من الحكومات العربية (من المغرب إلى العراق) عُقُودًا مع هذه الشركة، لإدارة الأمن ومراقبة المُسافرين في المطارات والموانئ، وحراسة منشآت النفط، وغيرها، وهي كما أشرْنا، تُشرف على العديد من عمليات التفتيش وإذلال الفلسطينيين في بلادهم، في نقاط التّفتيش، وكذلك أثناء التّحقيق، وفي السّجُون الصهيونية، وهي مُدْرَجَة، منذ سنوات عديدة، على لائحة الشركات الواجب مُقاطعتها، لذا وجب تكثيف الحملة ضدّها من أجل فسخ عُقُودها في كافة البلدان العربية، ومُتابعة مسؤوليها قضائِيًّا وسجنهم وتغريمهم

عن harka

شاهد أيضاً

دوغين والجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة.

يعد ألكسندر دوغين من أهم أعضاء الفريق الاستراتيجي الذي يحيط بالرئيس الروسي، بوتين، كما يعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();