الرئيسية / آراء ومقالات / من الذاكرة المُجابهة للغطرسة الأمريكية البحرية.

من الذاكرة المُجابهة للغطرسة الأمريكية البحرية.

تستدعي الأحداث الجارية أن نورد حادثة اعتبرها الإعلام العربي في حينها بأنها لا تتعدى مسألة رشقة صواريخ هزيلة لا تقدم ولا تؤخر، وهي حادثة قصف محطة الملاحة LORAN الاسم مختصر لـ Long Range Aid to Navigation System.ففي 17-4-1986 ومن شواطئ أبوكماش بمدينة زواره الساحلية تم تنفيذ ضربة جريئة ونوعية وهي أول ضربة ضد دول أروبيه بالعصر الحديث من قبل دولة عربية وإسلامية.
حيث تم إرسال صواريخ السكود من قبل لواء حطين التابع لصنف المدفعيه الصاروخيه “عابرات الحدود” بالقوات المسلحة الليبية لجزيرة لامبيدوزا من أجل تدمير أقرب هدف ثابت أمريكي تصله مدي الصواريخ الليبيه وقتها ردً على الهجوم والغارة الأمريكية المسمى  الألدورادو كانيون قبل يومين على مدينتي طرابلس وبنغازي في صباح يوم 14-4-1986.

 

جزيرة لَنْبَذُوشَة (باللاتينية: Lopadussa، بالإيطالية: Isola di Lampedusa) هي أكبر الجزر البلاجية المعزولة (التي تضم أيضاً جزيرة نموشة وجزيرة الكتاب) حيث تبلغ مساحتها 21 كيلوم متر مربع.
تقع لنبذوشة في البحر المتوسط بين مالطة وتونس على بعد 170 كم جنوب غرب جزيرة صقلية، وهي تتبع إدارياً إيطاليا ضمن مجموعتها التي تعتبر جزءا من مقاطعة جرجنت في صقلية. أقصى امتداد للامبيدوزا هو 11 كم وأقصى عرض لها هو 3,2 كم تقريباً، وهي ترتفع 133 متراً فوق سطح البحر.

القاعده الامريكيه بالجزيره:

ففي عام 1972 أصبح القسم الغربي من الجزيرة قاعدة أمريكية صغيرة.
وفي عام 1979 وصلت إلى لامبيدوزا الملازم كاي هارتزل لتكون أول امرأة تتولى قيادة قاعدة أمريكية عسكرية معزولة.
فذلك الموقع الذي يعد مجهولاً برغم أهمية الخدمات التي كان يقدمها وكانت تلك المحطة تعتبر أقرب منشأة عسكرية أمريكية للسواحل الليبية.
فالمحطة كانت للملاحة التابعة لخفر السواحل الأمريكي وتستخدم كذلك قاعدة لحلف الناتو والأسطول السادس يطلق على المحطة إسم “لوران” وهي تعمل بنظام ملاحي بأرشاد السفن وبديل لنظام التموضع العالمي GPS.
وكانت المحطة في وقت الهجوم الصاروخي تحت قيادة الملازم آرنست ديلبوينو ErnestDelBueno.
وكان قد تلقى أوامر بإخلاء الطاقم غير الأساسيين إلى المحطة الجوية البحرية الأمريكية في Sigonella صقلية والبقاء مع فريق صغير للحفاظ على دعم الإتصالات.
وذلك تحسباً لأي طاريء وتجنباً لأي هجوم إرهابي من المحتمل وقوعه ضد المحطة.


وقامت مروحية نقل تابعة للبحرية الأمريكية من سرب الدعم القتالي المروحي Helicopter Combat Support Squadron Four) (HC-4 بتنفيذ عملية إخلاء الطاقم بأكمله وذلك بحسب تقارير صحفية.وفي عام 1994 حولت قاعدة الناتو في لامبيدوزا إلى مركز أمني إيطالي للمراقبة.

 

 

ونستحضر هنا من أرشيف الصحافة الأمريكية في حينه مقال نشرته صحيفة النيويورك تايمز حيث ورد في المقال:

بعد 14 ساعة من الهجوم الجوي على ليبيا 14 إبريل 1986 ، أطلقت ليبيا عملية سريعة نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية لقصف محطة خفر السواحل الأمريكية لوران بصواريخ سكود ، لكن حسب المصادر الأمريكية إن العملية لم تنجح لكنها ذبت الرعب في سكان الجزيرة الإيطالية ، فعلقت نيويورك تايمز قائلة : أن ليبيا لا تهدد فقط قاعدة خفر السواحل. بل تهدد بتفجير الجزيرة بأكملها التي قالت إنها قاعدة للهجمات التي تشنها الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي. بدأ العديد من سكان الجزيرة يتساءلون عما إذا كانوا أو لا يكونوا في وضع أفضل إذا ما غادر الرجال والنساء في قاعدة خفر السواحل. منطقهم لا علاقة له بمعاداة أمريكا ، تقول فينسينزا دي روبيس عن خفر السواحل “ليس الأمر أنهم تسببوا في مشاكل.” “المشكلة هي أن وجودهم فجأة أصبح أمر مزعج. ونحن نريد السلام أدى الهجوم الليبي إلى طلب الإدارة المحلية بمغادرة الأمريكيين قبل انتهاء عقد الإتفاقية على القاعدة في عام 1988 ، والذي تمت الموافقة عليه لاحقا صناعة السياحة التي استقطبت نحو 15 ألف شخص العام السابق للهجوم الليبي ، توقفت بنسبة 70 أو 80 في المائة. ” القذافي! القذافي. ردد ذلك توماسينو لومباردو ، البالغ من العمر 60 عاما ، والذي يدير فندق جيتيجيا: “أنا لا أريد أن أسمع هذا الاسم مرة أخرى!” تطلب الجزيرة المساعدة بعد أيام نقلت (رويترز) – طلب عمدة لامبيدوزا جيوفاني فراجابان المساعدة من روما بعد تهديد جديد من ليبيا. نقلته السفارة الليبية في روما عن وكالة الأنباء الليبية قولها إن ليبيا ستدمر لامبيدوزا ما لم يتم تفكيك المنشأة الأمريكية هناك. وأطلق رئيس البلدية فراجابان برقيات لرئيس الوزراء بيتينو كراكسي وعدد من الوزارات في روما يقول إن سكان لامبيدوزا “يظهرون بوادر  نفاذ صبرهم” بسبب عدم وجود دعم من الحكومة الإيطالية. رفضت ليبيا تصديق الروايات الأمريكية عن عدم دور هذه القاعدة في عمليات التجسس ، عم الرعب المحلي في الجزيرة من عدم إمكانية العيش تحت التهديدات الليبية وعلق العمدة الشيوعي جيوفاني فراجابان ، “إن سكان الجزيرة لم يفكروا كثيرًا في القاعدة الأمريكية من قبل، نحن قلقون من وجودهم لأن هذا الرجل النبيل ” – أشار عبر البحر الأزرق الواضح في الاتجاه العام لليبيا – “يقول إنه يريد مهاجمة كل قواعد الناتو. نحن نريد فقط أن يتم تسليم القاعدة إلى الإيطاليين “.

لواء حطين :

هو أحد ألوية صواريخ سكود “عابرات الحدود” التي كانت ضمن القوة الإستراتيجية الضاربة للجيش الليبي وهي ( الأخضر , الصفصاف , الهواري , حطين ) وقد نفذ بمهارة وكفاءة عسكرية عالية الضربة الصاروخية دقيقة على هدف مؤثر أختير بعناية بالغة حيث تعتبر المحطة عقدة الإتصالات الخاصة بحرس السواحل الأمريكي والأسطول السادس وإستهدافها يعني تعثر الإتصالات بين وحدات الأسطول وقيادته وقواعده الأخرى خاصة وأن الاتصالات تعتبر عصب الحرب الحديثة ولابد من توفرها لضمان التنسيق في العمليات العسكرية.

 

الشاهد على التاريخ :

فهذه الشهاده يرويها شاهد عيان حضر تلك العمليه وهو طالب من ضمن طلبة قسم الصواريخ يدرس بالكليه العسكريه الذين رافقوا لواء حطين حيث كانو يتلقون التدريبات العملية في معسكر الهضبة حيث يتمركز اللواء بشكل دائم آنذاك.

الانتشار والتحضير لرد:

كانت وحدات القوات المسلحة قد تلقت الأوامر بالانتشار خارج مدينة طرابلس وكانت عمليات الإنتشار الفعلي للوحدات قد بدأت تقريباً قبل الغارة بأيام وكانت الكلية العسكرية ضمن الوحدات التي تلقت أوامر الإنتشار وأنتقلت بكامل قوامها وهيئتها الى منطقة وشتاته بترهونة.
حيث منطقة الإنتشار والموقع التبادلي في معسكر التدريب الخارجي الخاص بالكلية العسكرية.
فبعد الغارة الأمريكية بيوم واحد أخبرنا آمر قسم المدفعية والصواريخ “النقيب محمد المهدي” وهو ضابط شاب نشط وذو أخلاق عالية من منطقة الرجبان.
بأنه تقرر مغادرتنا للموقع والذهاب للإلتحاق بلواء حطين في منطقة إنتشاره ولم نكن نعرف إلى أين نحن متجهون ووفقاً للتعليمات بدأت الرحلة برجوعنا لمقر الكلية في طرابلس وقضينا ليلتنا الباردة فيها في الخنادق المجهزة حتى الصباح ثم ذهبنا لمقر اللواء في معسكر الهضبة وبقينا هناك حتى المساء.وخلال وجودنا بمقر اللواء حدث إختراق لجدار الصوت من قبل الطيران المعادي فوق مدينة طرابلس خلال فترة الظهر وعلى الفور أطلقت إحدى وحدات الدفاع الجوي صاروخاً كانت الأصوات قوية ومدوية ومرعبة إلى حد كبير. خرجنا على الفور من المعسكر وذهبنا للجهة المقابلة للمعسكر حيث تتواجد بعض المزارع الخاصة بالمواطنين بقينا فيها بعض الوقت وكنا نشاهد بعض المواطنين وهم يغادرون المدينة محملين بأمتعتهم بإتجاه طريق قصر بن غشير.
ولا ننسى ذلك الرجل الطيب صاحب المزرعة الذي أحضر لنا الشاي الأحمر وفاكهة الناسبولي المعروفة في طرابلس ورحب بنا في مزرعته ودعى لنا هو وأهله بالسلامة والنصر.

تنفيذ الضربه:

مساء ذلك الخميس غادرنا طرابلس متجهين غرباً عبر الطريق الساحلي مروراً بمدن الساحل حتى وصلنا لمشروع العسة ليلا حيث منطقة المواقع الرئيسية للواء وهناك شاهدنا في البداية عربات الـ BMP1 التابعة لسرية المخصصة لحماية اللواء ثم شاهدنا القواذف الصاروخية نوع ماز 543 وهي تغادر الموقع لتنفيذ المهمة المكلفة بها وكانت محركاتها تعمل وعوادمها ترمي بالشرر لقوة محركاتها وقد بدأت بالتحرك الفعلي في عملية نوعية دقيقة .
بعد مضي ساعة أو أكثر تناولنا العشاء بالموقع وكنا متعبين وخلدنا للنوم في خيام أعدت لإستقبالنا لكن سرعان ما صدرت الأوامر بإخلاء الموقع والإنتقال لموقع تبادلي آخر وعرفنا خلال ذلك الوقت بأن الضربة الصاروحية نفذت من موقع بمنطقة أبو كماش وأنها أستهدفت جزيرة إيطالية في المتوسط بصاروخين سكود.
غادرنا العسة وتوقفنا مرات عدة خلال الطريق قبل أن نصل لمدينة العجيلات في ساعات الليل الأخيرة وهناك إستمعنا على جهاز الراديو الخاص بأمر القسم النقيب المهدي تسجيلاً للكلمة التي وجهها القذافي وأدركنا بأن الأمور في طريقها للتهدئة وبأن هناك تحول للغة السياسة نتيجة تدخل دول عديدة على الخط وهو ما يعني فعلياً إنتهاء حالة الحرب المعلنة.
صباح اليوم التالي وكان يوم جمعة غادرنا الموقع الذي وصلنا إليه آخر الليل لنلتحق ثانية بوحدات اللواء في مشروع العجيلات حيث الموقع التبادلي للواء وهذه المرة كنا في مقر إحدى الكتائب ولاحظنا أن القواذف الصاروخية والآليات والمعدات الفنية الملحقة للكتيبة منتشرة ومموهة بشكل ممتاز حتى أن المار بهذا المكان بالكاد يتعرف إلي وجودها ما يدل على مدى جدية وإنضباط منتسبي وحدات اللواء وحرفيتهم العالية في التعامل مع معداتهم وآلياتهم والمحافظة عليها بقينا هناك فترة ثم رجعنا لمقاعد الدراسة في الكلية بطرابلس بعد أن خفضت درجة الإستعداد وزالت حالة الإستعداد الكامل .

النتائج بعد الهجوم:

بعد الهجوم واصلت المحطة الأمريكية في لامبيدوزا توفير الإتصالات لقوات حلف شمال الأطلسي وعززت القاعدة في شهر 6 بتركيب معدات اتصالات آمنة ، وأسيجة وأسلحة إضافية لضمان أن يكون الضباط المسؤلين لديهم المعدات اللازمة للرد على التهديدات المحتملة.
وهذا يعني بشكل غير معلن نجاح الضربة وإن لم يكن في اثرها التدميري فهو في اثرها المعنوي والنفسي وهذا التاثير أعمق وأقوى ما جعلهم يسارعون الى تعزيزها بمعدات احدث وأسلحة وفي عام 1994م حولت قاعدة الناتو في لامبيدوزا إلى مركز أمني إيطالي للمراقبة بعد تدفق موجات المهاجرين إليها.

التشويه الاعلامي :

طبعا الكثير من المواقع الإخبارية التي خلدت الحدث وما كتب عنه وما تناولته وسائل الإعلام في حينه وكانت في مجملها تنقل وجهة النظر الأمريكية للأحداث وبعضها يقول بأن الهجوم نفذته زوارق صاروخية وأخرى تقول بأن الهجوم كان بصواريخ سكود ولم يكن مؤثراً ونحن نعلم بأن ذلك غير صحيح.
فصواريخ سكود تستحدم نظام الملاحة يعتمد على ثلاثة جيروسكوبات تسمح بالدقة النسبية في إصابة أهدافها ونسبة الخطأ فيها قليلة , ولم تتطرق للرد الليبي وهذه عادة الاعلام الغربي الذي يقلل من قدرات خصمه ولا يعترف بخسائره معتمدين بالتشويه والتقليل من شأن الحادثة على الوثيقة المسربة عمداً من قبل الإدارة الأمريكية للصحافة العالمية.

 

عن harka

شاهد أيضاً

دوغين والجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة.

يعد ألكسندر دوغين من أهم أعضاء الفريق الاستراتيجي الذي يحيط بالرئيس الروسي، بوتين، كما يعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();