الرئيسية / آراء ومقالات / “تل أبيب” تحصد المكاسب بعد إزاحة موراليس عن حكم بوليفيا!

“تل أبيب” تحصد المكاسب بعد إزاحة موراليس عن حكم بوليفيا!

السيد شبل/باحث سياسي و كاتب صحفي من مصر.

الشخص الذي يغيب عنه الوجه الأممي للصراع العربي مع الصهيونية بهدف تحرير فلسطين واسترداد الاتصال الجغرافي بين عرب أفريقيا وعرب آسيا.. لا شك سينتهي في أحضان الصهيونية، مهما كانت نواياه سليمة، لأن رؤيته للشأن الدولي ستكون محاذية للمصلحة الأمريكية، التي هي الراعي الأهم والحليف الأبرز للحركة الصهيونية اليوم، وبالمثل فإن الطرف الدولي الذي يعادي إمبريالية الولايات المتحدة، لا بد له أن يتضاد مع الكيان الصهيوني.. وإن ظلّت هناك مراحل مختلفة للتعبير عن هذا التضاد فقد يظل الأمر قاصرًا على تأييد “السلطة الفلسطينية” في المحافل الدولية ودعمها في مطالبها بـ”دويلة” كما حددتها اتفاقية أوسلو المرفوضة، أو قد يرقى إلى حد قطع العلاقات مع الكيان كما فعلت كوبا/كاسترو، فنزويلا/شافيز، بوليفيا/موراليس، وقلّدتهم نيكاراجوا/أورتيجا لفترة سبع سنوات، أو قد يصل التضاد إلى قمته في رفض الاعتراف أساسًا بالكيان كما تفعل كوريا الديمقرطية “كوريا الشمالية” منذ حكم كيم إيل سونج.. وإلى اليوم.

وعليه فإننا كعرب، نتمركز حول تحرير فلسطين، يجب أن نعي حجم الخسارة التي لحقت بقضيتنا عندما تمت إزاحة “إيفو موراليس” رئيس بوليفيا المنتخب (والذي كان يُهدي نجاحه في كل مرة إلى الذين “يكافحون الإمبريالية”) من الحكم في نوفمبر 2019 عبر انقلاب عسكري/شُرَطي برعاية أمريكية مباشرة وبدعم من النخبة البيضاء الثرية ذات الطبائع الفاشية.. وكان موراليس، وكما اشتراكيي أمريكا الجنوبية، قد قام في 14 يناير 2009 بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي على خلفية العدوان على غزة، وبفسخ اتفاقات الهجرة معها، ثم في 31 يوليو 2014 أعلن أن “إسرائيل كيان إرهابي”، كما طالب بسحب جائزة نوبل من رئيس الكيان شيمون بيريز (وكان هذا بالطبع قبل موته)، ووصف مجلس الأمن بأنه “مجلس اللا أمن” بسبب تعامله اللين مع الأزمة الفلسطينية.

على أية حال.. فإن تلك السطور لا تتعدى كونها بعض من السيرة الطيبة للرجل، الذي كان يهوى كرة القدم ويدعو إليها ضيوفه المقربين، كما الأمر حين شارك محمود أحمدي نجاد رئيس إيران السابق في مباراة كرة بملعب خماسي في أكتوبر/تشرين عام 2010.

إجمالي مواقف موراليس، لا بد أن تشير إلى دور صهيوني ما في إزاحته، حتى تخسر فلسطين و(محور المقاومة) حليف لها في الربع الجنوب غربي من الكرة الأرضية، وهذا الدور قد تم بتنسيق مع المخابرات الأمريكية الضالعة في هندسة كل شيء حتى تم الانقلاب. الحكومة البوليفية الجديدة/المؤقتة (التي هبطت على الحكم من أعلى) وفّرت علينا التدليل على ما هو منطقي، حيث أعلنت وزيرة الخارجية كارين لونغاريك في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أن بوليفيا بالفعل عازمة على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع “إسرائيل”، وأن الروابط بيد “البلدين” ستكون “صادقة وقائمة على التعاون وتبادل المنافع”!. وما أن أطل شهر ديسمبر/كانون أول حتى طالب وزير الداخلية البوليفي الجديد أرتورو موريليو من “إسرائيل” المساعدة في مكافحة ما وصفه بـ”الإرهاب اليساري” (قاصدًا القوى الشعبية والسكان الأصليين الذين يتحركون في مظاهرات يومية رفضًا للإطاحة بموراليس، والمتهمين بالارتباط برئيس فنزويلا الاشتراكي نيكولاس مادورو).

اللافت في دعوة وزير الدخلية في بوليفيا ما بعد موراليس أنه عقد مشابهة -ربما عن قصد أوبدون- بين القوى الشعبية الرافضة له ولحكومته، وبين المقاومين العرب الرافضين للاحتلال الصهيوني، لأنهم جميعًا في نظره “إرهابيين”!!.. على أية حال إن الإرهاب لتهمة مشرفة في هذا السياق، ولو أن الأجدر بها حقيقةً هو الحلف الصهيوأمريكي ومن يدور في مداره. كما لم يفوّت “موريليو” الفرصة دون الإعراب عن استيائه من انتخاب الرئيسة الأرجنتينية اليسارية السابقة كريستينا دي كيرشنر لمنصب نائب رئيس البلاد، لكي تكون عونًا للرئيس اليساري الجديد “ألبرتو فرناندز”، وكانت “كيرشنر”، التي حكمت الأرجنتين كرئيسة لمدة 8 سنوات بداية من عام 2007، قد عُرفت بسعيها لتحسين الوضع الاقتصادي لكادحي البلد وفقرائه وتابعت في تأميم عدد من المصالح واسترداد الأملاك العامة التي تمت خصخصتها، وإحداث نهضة اقتصادية عامة، وهو النهج الذي بدأه زوجها “نستور كيرشنر” عندما تولى الرئاسة لـ 4 سنوات قبلها، كما اشتهرت بمواقفها المناهضة لواشنطن ومخططاتها ضد الوطن العربي (ولها خطاب شهير في الأمم المتحدة بخصوص هذا الشأن)، كما تميّزت سيرتها بمواقف إيجابية تجاه فلسطين، حيث اعترفت بـ”دولة فلسطين” مما أثار كثيرًا حفيظة حكومة الاحتلال، وبعلاقات متصاعدة مع كل من إيران والصين، وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد قلّدها في أغسطس 2015 وسام “نجمة فلسطين”.. على كل فإن هذا الاختصار لمسيرة كيرشنر يجعلها مرفوضة ومثيرة للاستياء من جانب وزير داخلية أوصلته واشنطن لحكم بوليفيا، ويطلب العون من “إسرائيل”!!. الخلاصة أن من يتوهم أنه يدعم قضية تحرير فلسطين دون أن يعرف، بالضبط، خصومه وأنصاره، ودون أن يربط النضال من أجل تحرير كامل التراب الفلسطيني مع السياق الشامل المناهض للإمبريالية.. فلا شك سينتهي به للعب لصالح جيش العدو.

عن harka

شاهد أيضاً

دوغين والجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة.

يعد ألكسندر دوغين من أهم أعضاء الفريق الاستراتيجي الذي يحيط بالرئيس الروسي، بوتين، كما يعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();