الرئيسية / آراء ومقالات / أدب وفكر / النكبة نتيجة سقوط الأندلس/ باسل الأعرج

النكبة نتيجة سقوط الأندلس/ باسل الأعرج

كتب الشهيد المثقف المشتبك باسل الأعرج

“هناك متلازمة غريبة جدا يحملها الشباب العربي هذه الايام باصراره على ادانة فتح الاندلس ويحملون مقاربة غريبة جدا ، مقاربة الاستعمار بالفتح الاسلامي .
ليس هذا المهم ولن اتحدث عن الاختلاف في المفاهيم والمنطق والعالم قبل 500 سنة واليوم ولن اتحدث اصلا عن مفهوم الاستعمار وكيف لا يمكن اسقاطه على الحالة الاسلامية او ما قبلها من حالات التوسع في الامبراطوريات القديمة ، ولن اتحدث عن ان من جاء الى الاندلس وطرد المسلمين ليسوا من اهل البلد بل من ممالك غازية .
سقوط الاندلس هو ذكرى تدشين وبداية حركة الاستعمار ، حركة لم يعرف قبلها البشر هذا الاجرام والعنف والابادة ، ابادة على كل الاصعدة ، ابادات جماعية وثقافية وحتى جنسية كما قال منير العكش .
سقوط الاندلس هو بداية عصر الانحدار العربي والاسلامي ..
كيف ؟
ببساطة تبدأ القصة قبل سقوط الاندلس بحوالي ثلاثة قرون ، تبدأ القصة مع سقوط طليطلة في عام 1084 ميلادي ، والغريب كيف انهم تركوا كل الاندلس ليحتلوا مملكة منفصلة ومعزولة عن باقي اراضيهم ، الفكرة ببساطة هي حشر العرب داخل البحر المتوسط وعدم السماح لهم بالخروج منه ، مما ادى الى احتكار المحيط للاوروبيين (باستثناء العرق السلافي ) ، وكان هناك محاولة للمسلمين عبر سلطان مالي للابحار في المحيط ويقال انه وصل اميركا قبل الاوروبيين ب300 عام ، المهم في الامر ان الصراع على المحيط هو من رسم العالم كما نعرفه اليوم ( وقد خرج العرب من الصراع على المحيط قبل ان يبدأ )، مع بداية الحملات الصليبية على المشرق العربي لم ننتبه الى ان هناك هجوم اخر قوي على جناح الامة الاسلامية في المغرب العربي ، سقطت طليطلة قبل القدس ب15 عام .
من هذه اللحظة بدأت حرب طويلة الامد عبر الحصار البحري ضد المشروع الاسلامي العربي ( العربي هنا بمعنى المتحدثين بالعربية وليست القومية ) ، لتأتي المرحلة اللاحقة في 1492 بسقوط اخر معاقل المسلمين في غرناطة وليحسم الصراع هناك وليرث الغرب كل ميراثنا ها هناك ، احد اهم ما ورثوه هو السفن عميقة القاع القادرة على عبور المحيطات ، التي استخدموها في استعمار العالم وابادة امم وشعوب كاملة .
بعد سنوات قليلة اكتشف اول اوروبي القارة الجديدة التي سميت لاحقا باميركا واكتشف اوروبي اخر راس الرجاء الصالح الذي كان يستخدمه الافارقة والمسلمين والعرب لالاف من السنين خلت ، كانت الفكرة من محاولة كولومبوس هي الوصول الى الهند بدون الحاجة للمرور عبر الممر التاريخي والجغرافيا المعروفة للطريق الى الهند ، اي محاولة التخلي عن الطريق عبر اراضي العرب والمسلمين ، وفشلت تلك المحاولة ، لتأتي لاحقا محاولة فاسكو ديغاما واكتشافه لراس الرجاء الصالح ، ذلك الاكتشاف للاوروبيين اصابنا في مقتل ، لم يعودوا وقتها بحاجة للمرور عبر طريق الحرير بل اصبحوا يستخدمون البحر للوصول الى الهند ، هذا الامر اسقط العامل الاقتصادي للوحدة للامبراطورية الاسلامية ، مما دفع لتدشين عصر التفكك والدويلات في العالم العربي والاسلامي والتناحر المستمر .
الصراع على المحيط كان في تلك الايام بين الاسبان والبرتغال والانجليز فكانت شعوب الارض تستعبد من تلك الدول ، وحسم الانجليز الصراع ضد الاسبان والبرتغاليين عبر تحطيم اساطيلهم والسيطرة على المحيط وللمفارقة فان سبب هزيمة البرتغال والاسبان في ذلك الصراع كان محاكم التفتيش التي قتلت ورحلت المسلمين من الاندلس ليفقدوا كم كبير من حملة العلم والايدي العاملة الماهرة ، طبعا دخل لاعبون جدد على الصراع على المحيط لنرى الصراع الفرنسي البريطاني والهولندي في القرون اللاحقة, والصراع الامريكي الياباني على الهادئ في الحرب العالمية الثانية ، ومحاولة روسيا الدخول الى المباه الدافئة عبر شبه جزيرة القرم والسيطرة عليها ( التي يدور عليها صراع اليوم في اوكرانيا ليضمنوا حصتهم في الصراع ) .
ليس مهما ما هي تصوراتك عن فتح المسلمين للاندلس ومهما كانت تصوراتك عن سقوط الحكم الاسلامي فيها ،المهم ان كل ما تعرفه الان في هذا العالم هو نتيجة حتمية لسقوط الاندلس .
كل الجرائم التي تم ممارستها ضد الامم والشعوب في هذا العالم هي نتيجة سقوط الاندلس ، الاستعمار والرأسمالية هي نتيجة سقوط الاندلس .
النكبة هي نتيجة سقوط الاندلس “

عن harka

شاهد أيضاً

جولييت عواد “الفن حين يكون وعياً وممارسة”

ليس مفاجئاً أن تكون جولييت عواد ضمن الفنانيين المنحازين إلى القضايا العادلة، فهي بأصلها أرمنية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();