الرئيسية / آراء ومقالات / اكذب الكذبة عشر مرات تصبح حقيقة ” قطرية الحضارات الغابرة”

اكذب الكذبة عشر مرات تصبح حقيقة ” قطرية الحضارات الغابرة”

كارلوس شهاب- العراق

مداخلة الموقع: هذا الخطاب هو ما يجعل من فكرة الانعزال مبرر، خطاب التاريخ القديم، والحضارات القديمة، بينما لو تم رواية هذا التاريخ والذي هو لا يُنكر، فسوف يكون في مكان آخر سوى تبني هويات لا علاقة لها بالواقع الحالي، ولا بالجامع الحضاري المباشر، نحن مثلاً نصنف على أننا ساميين كالعبرانيين في الرواية الصهيونية، مما يجعل الأمر أكثر من حقيقة في لحظة عابرة، ويجعل من المبرر تماماً أن نتقدم بخطاب لا علاقة له بالصراع المباشر الذي نعايشه تحت أي بند شئنا أن نسمية، أمة، أو عرق أو أياً يكن

الكيانات القطرية العربية بُنيت على أساس التخيل، فلإيجاد شرعية لهذه الكيانات لابد من تخيل تاريخ لها ضارب بالقدم وربطه قسراً بالحاضر، من هذا التخيل ينطلق تصور العراقي إنه إبن شعب عمره 10000 عام وإن حروب نبوخذ نصر وسرجون الأكادي كانت تدور تحت مسمى «العراق» الذي رسمه بيرسي كوكس والميس بيل عام 1918، وإن “الإبداعات” السومرية ومسلة حمورابي جاءت لرفعة شأن هذا «الشعب» الذي أبتدعه الحلفاء بعد إنتصارهم في الحرب العالمية الأولى. لعل ذات الشيء مارسته البعثات الأثرية الفرنسية في لبنان من خلال إشاعة تخيل إستمرار الفينيقيين في الكيان اللبناني الحالي، لكن هذا التخيل الذي منحنا إياه الحلفاء لإنشاء عزبنا التاريخية كان مكلفاً حيث عندما تخيلنا أنفسنا سومريين وسوريانيين وفينيقيين وفراعنة جاء يهود أوروبا وتخيلوا معنا إنهم «العبرانيين» وبالتالي سلخوا فلسطين كمخفر إمبريالي لهم، ذلك إنك لا تتخيل مجاناً هنا بل تتخيل بثمن، وكل دم وزيت وثروات تدفعها اليوم هو جراء إستمرارك بهذا التخيل.
يمكن إيجاد التخيل في محاور عدة، خذ مثلاً التخيل الذي يلف صراع الجناحين الأمريكيين (تركيا وقطر من جهة والسعودية الأمارات ومصر من جهة أخرى)، تخيل يسلخ الصراع عن سياقه الحالي ويرجعه إلى تاريخ غابر، حيث تتخيل إن سليم العابس كان يعرف نفسه على إنه تركي -بالحدود التي رسمها مصطفى كمال- وإن طومان باي كان يعرف نفسه على إنه مصري -أو لنقل قومي عربي كما يتخيل الإخوة الناصريين- ومسؤول عن كيان عابر للتاريخ من تحتمس الثالث إلى عبد الناصر مروراً بالعائلة الألبانية، وبالتالي يضوغ هذا التخيل صراع قومي قبل ظهور عصر القومية، وإن دفاع طومان باي عن مصر هي مصر ذات المشروع الناصري وإن توسع سليم العابس هو من أجل حقول الغاز في البحر الأبيض. هذا التخيل ليس مجاناً ايضاً وهو مكلف، مكلف بجعل التاريخ إلعوبة درامية لا يبقى فيه للموضوعية والسياق أي شيء، ويصبح التاريخ إقتباسات يتلاقفها الصبية في الصفحات.
تكرار الدعاية أيً كانت تركية أو مصرية-إماراتية لمليون مرة سيجعلها حقيقة وهذه الحقيقة يدفع ثمنها التاريخ الحقيقي.

عن harka

شاهد أيضاً

دوغين والجغرافيا السياسية لما بعد الحداثة.

يعد ألكسندر دوغين من أهم أعضاء الفريق الاستراتيجي الذي يحيط بالرئيس الروسي، بوتين، كما يعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

var x = document.getElementById("audio"); x.play();